طباعة هذه الصفحة

تصاعد خلافات ترامب وقادة أمريكا اللاتينية مميز

الخميس, 23 تشرين1/أكتوير 2025 16:32

من كولومبيا إلى البرازيل، لماذا تكره أمريكا اللاتينية دونالد ترامب؟ -  تليجراف مصر

 

تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة ودول أمريكا اللاتينية توترا متصاعدا بعد سلسلة من المواقف والتصريحات الصدامية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه عدد من القادة فى المنطقة، سواء مع كولومبيا وفنزويلا وأيضا البرازيل.

 

ويرى الخبراء أن واشنطن بصدد إعادة رسم سياستها في القارة الجنوبية على أسس جديدة تمزج بين الضغط الاقتصادي والتهديدات السياسية، في إطار ما يسميه ترامب استعادة الهيبة الأمريكية، حسبما قالت صحيفة التيمبو فى تقرير نشرته على موقعها الإلكترونى، أبرز الأزمات الراهنة اندلعت بين واشنطن وبوجوتا، بعد أن وصف ترامب الرئيس الكولومبى جوستافو بيترو بأنه زعيم مخدرات غير قانونى ، واتهم حكومته بالتقاعس عن محاربة إنتاج الكوكايين وتهريبه إلى الأسواق الأمريكية، وأعلن ترامب فى تصريح مفاجئ أن بلاده ستوقف المساعدات المالية لكولمبيا.

 


واعتبر بيترو هذه التصريحات اعتداء على سيادة كولومبيا وإهانة لشعبها، مؤكداً أن بلاده لم تتلق دعمًا كافيًا من واشنطن في برامج التنمية البديلة لمحاصيل الكوكا.

 


وتأتي الأزمة في وقت تشهد فيه كولومبيا تحديات داخلية كبيرة، أبرزها تزايد نفوذ الجماعات المسلحة، وعودة زراعة الكوكا بعد تراجع الدعم الأمريكي لبرامج المكافحة،  ويرى مراقبون أن قرار ترامب بوقف المساعدات قد يضعف قدرات الحكومة الكولومبية في السيطرة على الأوضاع، ويقوض التعاون الأمني الذي كان يعد ركيزة في العلاقات بين البلدين منذ بداية القرن الحالي.

 


في المقابل، يحاول ترامب تعزيز علاقته مع البرازيل، أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية، لكن هذه العلاقة لا تخلو من التوتر،  فبعد مكالمة هاتفية وصفها ترامب بأنها جيدة جدا مع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، عاد الخلاف إلى الواجهة بسبب فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية تصل إلى 40% على بعض الصادرات البرازيلية، ضمن سياسة أمريكا أولا التي تهدف لحماية الصناعات المحلية.

 

وعبر دا سيلفا عن استيائه من الإجراءات، مطالبا واشنطن بإعادة النظر في التعريفات التي تضر بالعمال والمزارعين في بلاده.

 


وتشير مصادر دبلوماسية في برازيليا إلى أن الحوار بين الجانبين لم ينقطع، لكن الثقة تراجعت، وتخشى البرازيل من أن تؤدي هذه السياسة إلى انكماش في صادراتها الزراعية والمعادن إلى السوق الأمريكية، ما يدفعها إلى تعميق شراكاتها مع الصين ودول جنوب شرق آسيا.

 


في السياق نفسه، تسود أجواء من الحذر بين ترامب وقادة دول أخرى في المنطقة مثل فنزويلا وبوليفيا، فالإدارة الأمريكية تراقب عن كثب نتائج الانتخابات الأخيرة في بوليفيا، التي فاز فيها رودريجو باز على منافسه توتو كويروجا،  وقد هنأ وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو الرئيس المنتخب واعتبر فوزه فرصة تاريخية للتحول بعد عقدين من سوء الإدارة، في إشارة إلى نهاية نفوذ حركة الاشتراكية (MAS) في البلاد.

 


وتتصاعد التوترات بين واشنطن وكاراكاس بعد سلسلة ضربات أمريكية استهدفت زوارق يُشتبه بارتباطها بعمليات تهريب مخدرات قرب السواحل الفنزويلية، ما أسفر عن سقوط قتلى وأثار إدانات حادة من حكومة نيكولاس مادورو، التي اعتبرت الهجمات انتهاكًا صارخًا لسيادة البلاد.

 

وطالبت فنزويلا مجلس الأمن بإدانة الضربات، فيما أمر مادورو بتعزيز الانتشار العسكري في المناطق الساحلية. من جانبها، تبرر إدارة ترامب التحركات بأنها جزء من الحرب على تهريب المخدرات، في حين يرى مراقبون أن واشنطن تستخدم الملف ذريعة لتوسيع نفوذها والضغط على النظام الفنزويلي سياسيًا.

 


ويرى محللون أن إدارة ترامب تستخدم مزيجا من الترغيب والترهيب في التعامل مع قادة أمريكا اللاتينية، إذ تُشجع الحكومات المحافظة أو الليبرالية اقتصادياً، بينما تضغط بشدة على الأنظمة اليسارية مثل كولومبيا وفنزويلا، مستخدمة أدوات اقتصادية وتجارية، وحتى تهديدات بعمليات أمنية لمكافحة المخدرات والهجرة غير الشرعية.

 


وتنعكس هذه السياسة الجديدة على توازنات القارة، إذ تخشى دول المنطقة من عودة الوصاية الأمريكية القديمة بشكل أكثر صرامة. ويشير خبراء العلاقات الدولية إلى أن واشنطن تسعى من خلال هذه المقاربة إلى استعادة نفوذها التقليدي الذي تراجع في السنوات الأخيرة لصالح الصين وروسيا، خاصة في مجالات الاستثمار والبنية التحتية والطاقة.

 


لكن هذه السياسة تحمل مخاطر عكسية، فالتوتر مع كولومبيا والبرازيل، وهما أبرز شريكين للولايات المتحدة في القارة، قد يفتح الباب أمام تقارب لاتينى داخلى يعيد طرح فكرة الاستقلال الإقليمي عن واشنطن، كما أن اتهامات ترامب وقراراته الأحادية قد تزيد من مشاعر العداء الشعبى ضد السياسة الأمريكية في دول الجنوب.

 


وفي ظل هذا المشهد، تبدو أمريكا اللاتينية أمام مفترق طرق جديد، إما الاستجابة لضغوط ترامب وخوض علاقات اقتصادية مشروطة، أو البحث عن بدائل وشراكات جديدة تكسر الهيمنة الأمريكية التقليدية، وهو ما قد يعيد تشكيل خريطة النفوذ في نصف الكرة الغربي خلال السنوات المقبلة.

 

 

https://www.youm7.com/

قراءة 22 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)
موسومة تحت

البنود ذات الصلة (بواسطة علامة)