بوليفيا تغيّر الاتجاه.. انتخابات يمينية تهدد إرث عقدين من الحكم اليساري اقرأ المزيد على موقع إرم نيوز مميز

الخميس, 23 تشرين1/أكتوير 2025 16:38

بوليفيا تغيّر الاتجاه.. انتخابات يمينية تهدد إرث عقدين من الحكم اليساري

 

يتوقع خبراء في الشؤون اللاتينية، أن تؤدي انتخابات الرئاسة ذات التوجه اليميني في بوليفيا، سواء بفوز خورخي توتو كيروغا أو رودريغو باز، إلى هيكلة اقتصادية متناقضة مع القائمة حالياً وإعادة توجيه السياسة الخارجية للبلاد، وذلك من خلال تقارب أكبر مع الولايات المتحدة، ومراجعة العلاقات القائمة مع كل من الصين وروسيا، والانفتاح على المؤسسات المالية الدولية.

 

وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه رغم جلب هذا التحول إلى جلب التمويل للبلد اللاتيني ، لكنه في المقابل قد يثير توتراً واحتجاجات من قبل النقابات العمالية اليسارية، التي لا تزال تحتفظ بحضور قوي في المجتمع ، وخاصة تلك المرتبطة بقطاع الطاقة، والتي تخشى العودة إلى سياسات الخصخصة وما تعتبره قمعاً للحقوق.

 

وبينوا أن هذه الانتخابات تمثل لحظة فاصلة في بوليفيا حيث تعكس نهاية المرحلة اليسارية التي جسدها حزب حركة نحو الاشتراكية "ماس" طوال عقدين من الزمان، وبطبيعة الحال فإن التحول واضح نحو اليمين، لا يعبر فقط عن تغير في المزاج الانتخابي في هذا البلد بل تحول بنيوي في الوعي السياسي والاجتماعي الذي ضاق ذرعاً من الشعارات الشعبوية وفشل السياسات الاقتصادية اليسارية في تحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد.

 

وأجريت انتخابات الإعادة مؤخراً في بوليفيا على المنصب الرئاسي بين مرشحَين من اليمين، في بلد يعاني أزمة اقتصادية حادة أنهت عقدين من حكم اليسار الاشتراكي، حيث انحصرت المواجهة في جولة الإعادة بين الرئيس البوليفي الأسبق بالوكالة وأحد أبرز وجوه اليمين في البلاد، خورخي توتو كيروغا البالغ من العمر 65 عاماً، والسيناتور رودريغو باز البالغ من العمر 58 عامًا، وهو سياسي وسطي يميني ينحدر من عائلة ذات نفوذ سياسي. 

 

وسيتولى الفائز السلطة في الـ8 من نوفمبر/تشرين الثاني خلفاً للرئيس المنتهية ولايته لويس آرس، الذي عزف عن الترشح بعد 5 سنوات في الحكم شهدت أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها البلاد منذ 4 عقود. 

 

ويقول أستاذ التواصل السياسي في جامعة كادس إشبيلية الإسبانية والخبير في العلاقات الدولية، الدكتور محمد المودن، إن الهزيمة التاريخية لـ"الحركة نحو الاشتراكية"، والتي تعرف اختصاراً بـ"ماس"، مثلت تحولاً كبيراً في المشهد السياسي في البلاد، مشيراً إلى أن بروز مرشحين اثنين من التيار الوسطي اليميني، وهما رودريغو باز وخورخي توتو كويار، قد غير من ملامح الساحة السياسية.

 

وأوضح المودن في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه لأول مرة منذ نحو عقدين، تغيب قوة يسارية منافسة عن الجولة الثانية من الانتخابات؛ ما يجعل هذه المواجهة بمثابة استفتاء على الأداء الاقتصادي والاستقرار المؤسسي في بوليفيا، لافتاً إلى أن هذا التحول يعكس بطبيعة الحال، انقساما واضحاً في الكتلة السياسية التي كانت مهيمنة في السابق، وهو ما يفسر حالة التقلب السياسي وربما ما وصفه بـ"الشرعية غير المستقرة" التي قد يواجهها الرئيس المنتخب خلال الفترة المقبلة. 

 

ولفت المودن إلى أن المؤشرات الاقتصادية تبدو حاسمة ومقلقة، في ظل وجود تضخم مرتفع يتراوح بين 23% إلى 25%، بالإضافة إلى نقص في البنزين والاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية، إلى جانب نمو اقتصادي ضعيف لا يتجاوز نسبة 2% في الفترة الأخيرة.

 

واستكمل المودن أن كل هذه العوامل تضع البلاد على حافة أزمة حقيقية في ميزان المدفوعات، وسط توتر مالي متزايد، مع تحذير صندوق النقد الدولي مؤخراً من مخاطر متصاعدة؛ ما يتطلب تعديلات اقتصادية كلية في بوليفيا، مشيراً إلى أن المرشحين اليمينيين يطرحان خيارات متباينة، تتراوح ما بين التقشف الصارم والإصلاحات التدريجية، وذلك بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وإنعاش الاقتصاد، منوهاً إلى أن المفاضلة ستكون صعبة بين التعديلات السريعة التي قد تثير احتجاجات اجتماعية، وبين الإصلاح التدريجي الذي قد يوفر نوعاً من الاستقرار المؤقت، وستكون محور الصراع القادم.

 

ويرجح المودن أن تؤدي الرئاسة اليمينية إلى إعادة توجيه السياسة الخارجية لبوليفيا، وذلك من خلال تقارب أكبر مع الولايات المتحدة، ومراجعة العلاقات القائمة مع كل من الصين وروسيا، بالإضافة إلى الانفتاح على المؤسسات المالية الدولية، ولا سيما في قطاعي الغاز والليثيوم، لافتاً إلى أن هذا التحول قد يؤدي إلى جلب التمويل والتكنولوجيا، لكنه في المقابل قد يثير توتراً واحتجاجات من قبل النقابات العمالية اليسارية، التي لا تزال تحتفظ بحضور قوي في المجتمع البوليفي، وخاصة تلك المرتبطة بقطاع الطاقة، والتي تخشى العودة إلى سياسات الخصخصة وما تعتبره قمعاً للحقوق.

 

وتوقع المودن أن تواجه بوليفيا ضغوطاً متزايدة بين تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وبين احتواء الشارع الغاضب، وإذا لم تستطع القيادة الجديدة التوفيق بين الإصلاح الاقتصادي والحوار المجتمعي، فقد تتحول الأزمة الاقتصادية إلى أزمة شرعية وسياسية أعمق.

 

فيما يؤكد الباحث في شؤون دول أمريكا اللاتينية، الدكتور محمد عطيف، أن هذه الانتخابات تمثل لحظة فاصلة في بوليفيا حيث تعكس نهاية المرحلة اليسارية التي جسدها حزب حركة نحو الاشتراكية "ماس" طوال عقدين من الزمان، وبطبيعة الحال فإن التحول واضح نحو اليمين، لا يعبر فقط عن تغير في المزاج الانتخابي في هذا البلد بل تحول بنيوي في الوعي السياسي والاجتماعي الذي ضاق ذرعاً  بالشعارات الشعبوية وفشل السياسات الاقتصادية اليسارية في تحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد.

 

ويرى عطيف في تصريحات لـ"إرم نيوز"،  أن هذه اللحظة تشكل نقطة انطلاق جديدة لإعادة صياغة التوازنات الخاصة بالمشهد السياسي في بوليفيا ويعكس تنافساً بين المرشحين اليمينيين بصراع حول رؤيتين ليبراليتين متقاربتين في الشكل ومختلفتين في العمق، حيث إنه في الوقت الذي يسعى فيه رودريغو باز لرأسمالية معتدلة تحافظ على بعض المكتسبات الاجتماعية، يتبنى كيروغا توجهاً أكثر تحرراً يستند فيه إلى الصدمة الاقتصادية وإعادة هيكلة شاملة للاقتصاد البوليفي.

 

وبين عطيف أن هذا الصراع ليس فقط حول البرامج الاقتصادية بل هوية بوليفيا الجديدة، في ظل نموذج وطني محافظ يسعى إلى استقلال القرار الاقتصادي، ونموذج منفتح على الولايات المتحدة الأمريكية والمؤسسات المالية الدولية.

 

وبعتقد عطيف أن الأزمة الاقتصادية التي تعرفها بوليفيا تشكل الخلفية الحقيقة لهذا التحول السياسي، وتدهور احتياطات النقد الأجنبي وتراجع إنتاج الغاز وتفاقم العجز المالي، وهي عوامل أسهمت في فقد الثقة في اليسار ودفعت نحو تبني خيارات يمينية إصلاحية رغم ما تحمله من كلفة اجتماعية وبالتالي الأزمة لم تعد تقرأ فقط في ضوء الأرقام بل في التحول في المجتمع البوليفي الذي بات يفضل الكفاءة الاقتصادية على الخطاب الأيديولوجي والاستقرار المالي على الوعود الشعبوية. 

 

واستطرد عطيف، أن بوليفيا كانت من الدول اليسارية التي استمر فيها هذا التيار لمدة طويلة مؤكداً أن صعود اليمين، سيعيد تموقع البلاد داخل الفضاء الأمريكي اللاتيني في ظل موجة جديدة من التحولات السياسية المحافظة وإن كان ذلك واعداً من حيث فرص النمو وجذب الاستثمارات إلا أنه ينطوي على التحديات الاجتماعية الحقيقية في ظل هشاشة البنية الإنتاجية.

21/10/2025

https://www.eremnews.com/news/world/vwu5wqc

 

 

 

 

قراءة 21 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)
موسومة تحت

البنود ذات الصلة (بواسطة علامة)