تخطط الصين لربط البرازيل بميناء شانكاي العملاق في بيرو عبر خط سكك حديدية مميز

الخميس, 17 نيسان/أبريل 2025 18:19

 

شهدت زيارة وفد صيني إلى البرازيل مؤخرًا تطورًا ملحوظًا في البنية التحتية والعلاقات التجارية. ركزت هذه الجولة، التي استمرت أسبوعًا وضمت 11 مسؤولًا من مجموعة السكك الحديدية الصينية ووزارة النقل الصينية، على اتفاقيات استراتيجية من شأنها إعادة صياغة قطاع النقل والخدمات اللوجستية بين البرازيل وبيرو. وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود الصين الأوسع لتعزيز علاقاتها التجارية مع أمريكا الجنوبية، لا سيما من خلال إنشاء خط سكة حديد حيوي يربطها بميناء تشانكاي العملاق في بيرو.

 

الخلفية: تعزيز العلاقات مع أمريكا الجنوبية

 

تأتي زيارة الوفد في أعقاب اتفاقيات استراتيجية رئيسية أُبرمت في نوفمبر 2024، خلال زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى البرازيل. وخلال تلك المناقشات، حدد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا والرئيس شي جين بينغ أهدافهما المشتركة لتعزيز تكامل البرازيل مع منطقة المحيط الهادئ، وهو عنصر أساسي في العلاقات الصينية البرازيلية. وأكد جواو فيلافيردي، وزير التنسيق المؤسسي البرازيلي بوزارة التخطيط، أن المناقشات ركزت على مشاريع البنية التحتية طويلة الأجل، وخاصة في قطاع السكك الحديدية.

أوضح فيلافيردي أن المحادثات ركزت على إمكانية إنشاء نظام سكك حديدية يربط البرازيل بميناء شانكاي العملاق في بيرو. سيؤثر هذا الممر المقترح بشكل كبير على الخدمات اللوجستية في المنطقة، إذ يمكن أن يوفر طريقًا مباشرًا للصادرات البرازيلية متجاوزًا طرق الشحن الأطلسي التقليدية، مما يقلل من وقت العبور والتكاليف اللوجستية للمنتجات الزراعية الأساسية مثل فول الصويا ولحوم البقر والحبوب.

 

الممر الحيوي المحيطي: عامل تغيير في طرق التجارة

 

خضع الممر الحيوي المحيطي، وهو طريق نقل اقترحته البرازيل في الأصل عام ٢٠١٤، لعدة تحديثات ليعكس احتياجات التجارة المتطورة وتطورات البنية التحتية الإقليمية. سيربط هذا الممر البرازيل بالمحيط الهادئ، مما يُتيح طريقًا مختصرًا للصادرات من وإلى دول أمريكا الجنوبية. وصرح فيلافيردي بأنه على الرغم من تركيز المقترح الأصلي على ربط مراكز التصنيع المحلية بموانئ تشيلي، إلا أن السياق الحالي يتطلب مراجعته لمراعاة ديناميكيات التجارة الجديدة.

أصبحت فكرة الممر الحيوي المحيطي أكثر جدوى منذ إنشاء الطريق السريع عبر المحيط الهادئ، الذي يربط البرازيل ببيرو. وبينما لا تزال بعض أجزاء الطريق السريع بحاجة إلى تحسينات، أشار فيلافيردي إلى أنه أصبح من الممكن الآن السفر بالسيارة أو الشاحنة أو الحافلة من البرازيل عبر بيرو إلى وجهات رئيسية مثل ليما وشانكاي. ومن المتوقع أن تُحدث هذه البنية التحتية، إلى جانب خطوط السكك الحديدية المقترحة، نقلة نوعية في لوجستيات التجارة في المنطقة.

 

ميناء تشانكاي العملاق: بوابة الصين إلى المحيط الهادئ

 

يحظى ميناء تشانكاي العملاق، الذي يُعدّ مشروعًا تطويريًا بالغ الأهمية لبيرو، بتمويل كبير من الصين. بتكلفة تُقدّر بـ 3.5 مليار دولار أمريكي، يُعتبر الميناء جزءًا حيويًا من مسارات التجارة الجديدة في أمريكا اللاتينية. في نوفمبر 2024، افتتح الرئيس الصيني شي جين بينغ الميناء، مما سيساعد على تنويع مسارات الشحن وتقليل الاعتماد على قناة بنما. لطالما كانت القناة مصدرًا للتوتر الجيوسياسي، لا سيما بين الصين والولايات المتحدة، مما يزيد من أهمية بدائل مثل تشانكاي لبكين.

مع ذلك، يعتمد نجاح شانكاي كميناء استراتيجي على إنشاء روابط نقل موثوقة مع البرازيل. فبدون سكة حديد أو رابط مباشر مع البرازيل، شكك المحللون في جدوى هذا الميناء العملاق على المدى الطويل، لا سيما وأن معظم صادرات البرازيل تُشحن حاليًا عبر طرق المحيط الأطلسي. ولكي يصبح ميناء شانكاي مركزًا عالميًا حقيقيًا، سيحتاج إلى روابط سلسة مع أسواق الصادرات الزراعية البرازيلية المزدهرة، ويمكن أن يوفر خط السكة الحديد المقترح هذا الربط.

 

زيادة التجارة: ممر اقتصادي جديد

 

لطالما سعت البرازيل جاهدةً لاستكشاف فرص اقتصادية جديدة مع جيرانها، وقد أثبت الممر الحيوي المحيطي أنه محور استراتيجي. وقد شهدت الحكومة البرازيلية بالفعل تطورات إيجابية في التجارة عبر الحدود. ففي أسيس برازيل، وهي بلدة تقع على الحدود بين البرازيل وبيرو، ارتفعت الصادرات البرازيلية بنسبة 130% في الربع الأول من عام 2025 مقارنةً بالفترة نفسها من العام السابق. وقد حفّز هذا النمو في التجارة اهتمام القطاع الخاص بتوسيع الممر الحيوي المحيطي وغيره من مسارات التكامل.

وفقًا لفيلافيردي، فإن إضافة خط سكة حديد، إلى جانب تحسينات النقل المائي في البرازيل، من شأنه أن يزيد بشكل كبير التجارة البينية في أمريكا الجنوبية. كما سلط الضوء على أهمية هذا النمو في تعزيز التواصل بين البرازيل والدول المجاورة لها، مما يُمكّنها من تجاوز طرق الشحن الأطلسي التقليدية وتوفير التكاليف.

 

استثمارات الصين في البنية التحتية للنقل في البرازيل

 

شملت جولة الوفد الصيني زياراتٍ إلى عدة مواقع رئيسية في البرازيل لمناقشة الاستثمارات في البنية التحتية للطرق والسكك الحديدية والممرات المائية في البلاد. وأعرب فيلافيردي ومسؤولون برازيليون آخرون عن أملهم في أن تُحسّن هذه المشاريع تدفق البضائع بين البرازيل وجيرانها في أمريكا الجنوبية، مما قد يُعزز تجارة البرازيل مع دول مثل الأرجنتين وتشيلي وبيرو.

أكد ماوريسيو مونيز، السكرتير الخاص لبرنامج تسريع النمو في البرازيل، على أهمية الزيارة، مشيرًا إلى أنها أتاحت فرصة لتسليط الضوء على جدوى الممر الحيوي المحيطي. كما أشار إلى أن تعزيز علاقات البرازيل في مجال البنية التحتية مع الصين من شأنه أن يعزز العلاقات الاقتصادية للبلاد مع أحد أكبر شركائها التجاريين.

من المشاريع المهمة المدرجة على جدول الأعمال توسعة ميناء سانتوس في ساو باولو، أحد أكبر موانئ أمريكا اللاتينية. هذا المشروع، الذي يحظى باستثمار قدره 486 مليون دولار أمريكي من شركة الأعمال الزراعية الصينية العملاقة "كوفكو إنترناشونال"، مصمم لمناولة ما يصل إلى 14.5 مليون طن من السلع الزراعية سنويًا عند تشغيله بكامل طاقته بحلول عام 2026. بالإضافة إلى ذلك، اشترت "كوفكو" ​​عربات سكك حديدية وقاطرات لنقل البضائع من المناطق الداخلية البرازيلية إلى الميناء، مما يُحسّن كفاءة الخدمات اللوجستية ويُقلل من الازدحام على الطرق في البرازيل.

 

التأثير على المشهد العالمي للسفر والخدمات اللوجستية

 

بالنسبة لقطاع السفر العالمي، قد يكون لهذا التطوير في البنية التحتية آثارٌ بالغة الأهمية. فتوسيع طرق التجارة عبر الممر الحيوي المحيطي لن يؤثر على قطاع الخدمات اللوجستية فحسب، بل قد يؤثر أيضًا على قطاع السياحة. ومع تعزيز روابط النقل بين البرازيل وبيرو، قد تزداد فرص السياحة العابرة للحدود، لا سيما في مناطق مثل الأمازون وجبال الأنديز، حيث قد ينجذب الزوار لاستكشاف المناظر الطبيعية وتبادل الثقافات الجديدة.

بالنسبة للمسافرين الدوليين، يعني هذا التطور روابط نقل أكثر كفاءة بين البرازيل وبيرو، بالإضافة إلى سهولة الوصول إلى المناطق التي يسهل الوصول إليها حديثًا. إضافةً إلى ذلك، قد يؤدي إنشاء ميناء شانكاي العملاق ودمجه في سلسلة التوريد العالمية إلى خفض تكاليف الشحن الجوي والبحري، مما يؤثر بشكل غير مباشر على تكاليف السفر للمسافرين.

 

الطريق نحو تعزيز التكامل الإقليمي

 

أبرزت زيارة الوفد الصيني إلى البرازيل أهمية تعزيز علاقات النقل والبنية التحتية بين البرازيل وبيرو والصين. ومع مشروع الممر الحيوي المحيطي المقترح وتوسيع الموانئ والسكك الحديدية الرئيسية، يمكن لهذه المبادرة أن تُحدث نقلة نوعية في تدفقات التجارة في أمريكا الجنوبية. علاوة على ذلك، سيكون للمشروع تأثير كبير على قطاعي السياحة والخدمات اللوجستية، مما قد يؤدي إلى زيادة كفاءة السفر بين هذه الدول، سواءً للبضائع أو للأشخاص.

 

17/04/2025
https://www.travelandtourworld.ae/
قراءة 16 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)
موسومة تحت

البنود ذات الصلة (بواسطة علامة)