آفاق زيارة وزير الخارجية الارجنتيني للمغرب

الجمعة, 30 آذار/مارس 2018 08:09


من المقرر، أن يحل وزير العلاقات الخارجية الأرجنيتني، خورخي فاوري (Jorge Faurie)، يوم الجمعة 30 مارس 2018، بالمغرب للقيام بزيارة رسمية على رأس بعثة متكونة من شخصيات تنتمي الى مجال السياسة والمال والأعمال ، ضمن جولة مغاربية سيختتمها يوم 2 أبريل بتونس وذلك من أجل ولوج أسواق جديدة في شمال إفريقيا، حسب ما أوردته مصادر صحفية من العاصمة الأرجنتينية بوينوس أيرس.
في السنوات الأخيرة عرفت العلاقات الثنائية بين المغرب والأرجنتين تطورا مهما في المجالات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والتجارية والسوسيوثقافية. فالمغرب بالنسبة للأرجنتين يلعب دور المدخل من أجل إستهداف القارة الإفريقية والعالم العربي. ونفس الشيء بالنسبة للمغرب الذي يعتبر الأرجنتين كبوابة لدخول السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية (المركوسور).
وتدخل زيارة الدبلوماسي الأرجنتيني والوفد المرافق له في إطار سلسلة المباحثات واللقاءات التي يقوم بها المسؤولون الحكوميون والبرلمانيون وكذا الفاعلون الإقتصاديون الأرجنتينيون مع نظرائهم المغاربة.
هذا وتعكس هذه الزيارة متانة الروابط بين البلدين في العديد من المجالات ذات الإهتمام المشترك وستكون مناسبة لتحفيز وتحريك الأنشطة السياسية والاقتصادية والتجارية والاجتماعية والثقافية بين البلدين، وكذلك من المرتقب الوقوف عند بعض النقاط المهمة والمتعلقة بتقدم المفاوضات الثنائية التجارية لكل من المغرب وتونس مع المركوسور. بعدما كانت هناك مجموعة من الجولات بين الأطراف لتحديد إتفاق التبادل الحر الذي سيتم التوقيع عليه في سنة 2019.
وتجدر الإشارة إلى أن آخر إجتماع للمغرب وتونس مع المركوسور حول إتفاقية التبادل الحر كانت خلال 13 و 14 نونبر 2017 بالعاصمة البرازيلية.
المغرب والأرجنتين: تطابق وتشابه في وجهات النظر
لقد نهج المغرب سياسة اقتصادية جديدة من خلال تنويع علاقاته الدولية وإنفتاح إقتصاده على الخارج من خلال إتفاقيات التبادل الحر المبرمة مع الدول الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الخليج وتركيا، وبالتالي بات من الضروري البحث عن أسواق أخرى لوارداته و صادراته. هذا مما دفع المملكة المغربية للإنخراط في مجال التعاون جنوب-جنوب.
وغني عن البيان أن الأرجنتين والمغرب بلدان ينتميان الى دول الجنوب، تجمع بينهما عدة نقاط مشتركة كتقاربهما في التراتبية الدولية بحيث يتواجدان على التوالي خلف قوى اقتصادية متوسطة أو صاعدة في فضاءها الجهوي (البرازيل ومصر نموذجا) . كما أن بإمكانهما التنسيق معا فيما يتعلق ببعض الأوضاع على الصعيد الدولي، خصوصا في المنظمات الدولية كالمنظمة العالمية للتجارة والمنظمة العالمية للجمارك.
أما فيما يخص الجانب الجيوسياسي فهو كذلك جد مشابه بين البلدين؛ مسألة الصحراء بالنسبة للمغرب وجزر المالوين بالنسبة للأرجنتين، التي لها موقف ثابث لدعم جهود المغرب لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل حول الأقاليم الجنوبية للمملكة في إطار مبادرة الحكم الذاتي.
فالمغرب من جانبه يولي أهمية خاصة لجمهورية الأرجنتين لما لها من وزن وتأثير في أمريكا اللاتينية وبالخصوص كدولة عضو في المركوسور. إذ تعتبر الأرجنتين حليفا استراتيجيا للمغرب في المحافل الدولية وللمغرب كذلك صدى طيب في الأوساط البرلمانية والسياسية الأرجنتينية. علاوة على كونها قوة إقتصادية صاعدة، تحتل الرتبة الثالثة في أمريكا اللاتينية بعد البرازيل والمكسيك، والثانية في أمريكا الجنوبية. كما تتوفر على موارد طبيعية ومؤهلات إقتصادية وتجارية وصناعية مهمة ومتنوعة ومستوى علمي وتكنولوجي جد متطور، مما يجعل منها سوقا مهما بالنسبة لبعض المنتجات المغربية. وبإمكانها أن تستقبل ما يناهز 20000 مليون دولار سنويا من الإستثمارات الأجنبية المباشرة.
المغرب من جهته كذلك له مؤهلات جد مهمة تميزه عن باقي دول المنطقة المغاربية. نذكر في هذا السياق على سبيل المثال لا الحصر الموقع الإستراتيجي والبنيات التحتية والنقل واللوجستيك والأمن والإستقرار والإصلاحات الدستورية بالإضافة كذلك الى التقدم المحرز في مجال تيسير وتسهيل المبادلات التجارية والتقدم في مستوى النوظمة المعلوماتية في الجمرك (بورتنت (PORTNET) والأداء الإلكتروني والتوقيع الإلكتروني والشباك الوحيد… ).
التعاون الثنائي في المجال الجمركي
تجمع المغرب بالأرجنتين إتفاقية التعاون في المجال الجمركي في إطار المساعدة المتبادلة الإدارية الدولية AAMI. وقد تم التوقيع عليها من طرف المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والمدير العام للإدارة العامة للجمارك الأرجنتينية في 26 يونيو 2013 ببروكسيل على هامش الدورة 121 و122 لمجلس التعاون الجمركي والدورة 69 للجنة السياسية العامة للمنظمة العالمية للجمارك التي تتخذ كمقر لها بلجيكا.
الهدف من وراء هذا الإتفاق يكمن في الوقاية والتأمين وخصوصا زجر المخالفات الجمركية التي من شأنها أن تلحق ضررا بالمصالح الإقتصادية والتجارية والإجتماعية والثقافية لكلا البلدين. بالإضافة إلى تشجيع التبادل التجاري والرقي به إلى مستوى تطلعات الطرفين . وتتمثل هذه المساعدة في تبادل المعلومات والوثائق بين المصالح الجمركية للبلدين لضمان تطبيق فعال وناجع للقانون الجمركي وإستخلاص عادل للرسوم والمكوس الجمركية والضرائب الأخرى.
وقد عملت إدارة الجمارك المغربية على تحليل وضعية المبادلات التجارية المغربية مع منطقة المركوسور وبالخصوص صادرات المغرب نحو الأرجنتين. كما قامت كذلك بدراسة قارنت من خلالها لخمسة أنظمة لتبادل المعلومات في المجال الجمركي لإدارات أعضاء في المنظمة العالمية للجمارك فوقع الاختيار على النظام المعلوماتي الجمركي للمركوسور INDIRA للأهداف المشار إليها أعلاه وذلك لاعتبارات متعددة من بينها معطيات التجارة الخارجية والقدرات التي يتميز بها هذا النظام على المستوى التقني وملائمته للنظام المعلوماتي المغربي للاستخلاص الجمركي BADR.
حري بالذكر أن إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة المغربية ونظيرتها الارجنتينية قد تمكنتا من إرساء هذا المشروع المعلوماتي للربط الالكتروني بين نظامي BADR و INDIRA والذي أصبح جاهزا في انتظار التوقيع عليه من كلا الطرفين.
المبادلات الاقتصادية والتجارية الثنائية
على المستوى الاقتصادي والتجاري تعتبر الأرجنتين الشريك التجاري الثاني للمغرب في أمريكا اللاتينية بعد البرازيل، فحسب إحصائيات مكتب الصرف لسنة 2017 (11 شهرا) ، وصلت قيمة صادرات المغرب نحو الأرجنتين إلى 894 مليون درهم، فيما بلغت قيمة الواردات 5163 مليون درهم، وفي نفس السنة، عرف الميزان التجاري للمغرب عجزا بقيمة 4269 مليون درهم ومعدل تغطية الصادرات للواردات، قدر بـ 17,32 في المائة.
وتتكون صادرات الأرجنتين نحو المغرب من الذرة وزيت الصوجا والاعلاف والقمح والشعير واللحوم الحمراء، في حين يبقى الفوسفاط ومشتقاته والأسمدة الطبيعية والكيماوية من بين أهم واردات الأرجنتين من المغرب.
وتشكل زيارة السيد خورخي فاوري Jorge Faurie للمغرب فرصة للتعاون التجاري والاقتصادي والاجتماعي وكذلك لاستشراف سبل الرقي بمستوى الشراكة سواء على مستوى نوعية المجالات ذات الاهتمام المشترك أو على المستوى التقني واللوجيستيكي الذي يفترض حجم هذه الشراكة والتعاون بين البلدين.

قراءة 1119 مرات
قيم الموضوع
(1 تصويت)