ويعزى هذا التطور الملحوظ، إلى الانطلاقة الجديدة والدفعة القوية التي أعطتها للعلاقات الثنائية، الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى البرازيل في نونبر 2004، حيث فتحت المجال أمام المسؤولين في عدد من المرافق الحيوية البرازيلية، للاطلاع على مقومات المغرب الحضارية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى أهمية موقعه الجغرافي المتميز، وانفتاحه على الأسواق العالمية.
ويتجسد الزخم الذي تعيشه العلاقات المغربية البرازيلية منذ الزيارة الملكية، من خلال تعدد تبادل الزيارات بين البلدين، وفي مشاركة وفود برازيلية هامة في كثير من التظاهرات الدولية بالمغرب، لاسيما المؤتمرات الوزارية التي احتضنتها مدينة مراكش للإعداد، سواء للقمة العربية الأمريكية الجنوبية الأولى (برازيل 2005) أو القمة الإفريقية الأمريكية الجنوبية الثانية (فنزويلا 2009).
وأعطى انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة المغربية البرازيلية بالرباط في يوليوز 2008، دفعة إضافية لهذه العلاقات التي تعززت أيضا بزيارات متبادلة من بينها الزيارة التي قام بها للمغرب ، وفد مكون من 90 مقاولا وممثلا عن كبريات الشركات البرازيلية، ترأسه وزير التجارة الخارجية ، والتي أفضت إلى إبرام اتفاقية لإنشاء لجنة ثنائية للعمل على الرفع من حجم المبادلات بين البلدين.
نمو حجم المبادلات التجارية
وتفيد معطيات وزارة التجارة الخارجية البرازيلية في هذا المجال أن قيمة الصادرات المغربية نحو البرازيل خلال سنة 2008 بلغت 14ر1 مليار دولار، أي ما يعادل نموا بنسبة 115 في المائة بالمقارنة مع السنة التي ما قبلها، في حين تطور حجم الواردات المغربية من البرازيل خلال نفس السنة بنسبة 16 بالمائة، ليصل إلى ما قيمته 511 مليون دولار.
ويعتبر السيد بوشعيب سفير، رئيس غرفة التجارة والصناعة المغربية البرازيلية التي يوجد مقرها بساو باولو، أن تلك العلاقات تشكل نموذجا ناجحا للتعاون جنوب ` جنوب، بالنظر إلى التطور الكبير الذي شهدته منذ الزيارة التاريخية لجلالة الملك، مبرزا أن المبادرة من أجل إنشاء الغرفة عام 2007، كانت تجاوبا مع السياسة الحكيمة لجلالته، الرامية إلى تنويع الشركاء الاقتصاديين للمغرب عبر العالم، والمساهمة في إرساء قواعد متينة للتعاون البناء بين شعبين صديقين، تجمع بينهما أواصر الصداقة وروابط تاريخية وثقافية عريقة.
ففي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، سجل رئيس غرفة التجارة والصناعة المغربية البرازيلية بارتياح، أن المسؤولين ورجال الأعمال البرازيليين يولون اهتماما كبيرا للاستثمار والتعاون التجاري والصناعي مع المغرب، نظرا لموقعه الجغرافي الاستراتيجي والانفتاح الاقتصادي الذي ينهجه.
وأبرز السيد سفير في هذا الصدد، أن مؤسسته تلقت منذ تأسيسها قبل سنتين، العديد من الطلبات والاستفسارات من لدن شركات برازيلية تعمل في مجالات مختلفة، حول فرص الاستثمار بالمغرب، وإمكانيات الاستيراد منه أو التصدير إليه، مضيفا أن الغرفة تحرص على إيجاد شركاء مغاربة في هذا المجال.
كما أوضح أن من شأن القواسم المشتركة بين البلدين أن تسهم في تطور العلاقات الثنائية، حيث ان المغرب، الذي تربطه اتفاقيات الشراكة أو التبادل الحر مع العديد من بلدان العالم، وبالخصوص مع الاتحاد الأوروبي، يشكل بوابة تجارية نحو إفريقيا والعالم العربي، وأن البرازيل الذي يتوفر على اقتصاد صاعد، يشكل بدوره مدخلا نحو دول أمريكا الجنوبية.
من جانب آخر، اعتبر السيد سفير أن القطاع السياحي البرازيلي غير مستغل بالشكل الأمثل، رغم الآفاق الكبيرة التي يوفرها للتعاون الثنائي، داعيا إلى ضرورة إحياء مشروع الربط الجوي المباشر بين الدار البيضاء وساو باولو، وكذا إلى القيام بتظاهرات، من شأنها تنشيط السياحة بين البلدين، خصوصا وأن القطاع في البرازيل ضخم وبإمكانه أن يستفيد من تجربة المغرب في هذا المجال.
وتشكل هذه الطفرة التي تشهدها العلاقات المغربية البرازيلية، استمرارية لتواصل يضرب بجذوره في التاريخ، إذ أن عددا من سكان البرازيل، وبالخصوص في ولاية أمابا (شمال البلاد) ينحدرون من برتغاليين ولدوا بالمغرب، ومنهم من يحمل اسم “مروكش” (مراكش).
كما يشهد بذلك وجود تلك “المدينة البرازيلية المستقدمة من المغرب”، التي أسسها البرتغاليون عام 1770 على ضفاف نهر “متواكا”، أحد روافد الأمازون، والتي أطلق عليها اسم “نوفا مازاغاو” (الجديدة الجديدة).
20/10/2014
المزيد على دنيا الوطن .. http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2014/10/20/606384.html#ixzz3Ggrqrztt