كيف تمكنت كارتيلات المخدرات الأمريكية الجنوبية من اجتياح المغرب العربي؟

الأربعاء, 02 كانون2/يناير 2019 08:24


30/12/2018
اجتاحت عصابات المخدرات في أمريكا الجنوبية منطقة المغرب العربي بشكلٍ ملحوظ. وفي بلدان مثل الجزائر والمغرب، حيث يصعب اتخاذ أي خطوةٍ دون علم الأجهزة الأمنية، وجدت تجارة الكوكايين وسيلةً لاختراق هذه المناطق. وقد سجلت الجزائر رقماً قياسياً في أيار/ مايو الماضي في كمية المحجوزات، حيث تم ضبط حوالي 750 كيلوغراماً من الكوكايين على متن سفينة من البرازيل مرت عبر إسبانيا. وقد أثارت هذه القضية جدلاً واسعاً في صفوف المؤسسات الرئيسية الجزائرية.

 

في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، صادرت وحدات الشرطة المغربية حوالي طن من الكوكايين الذي عُثر عليه مُخبأ في شاحنة في مدينة الجديدة، والذي تبين أنه قادمٌ من أمريكا الجنوبية وكان متجهاً نحو أوروبا. وبعد ثمانية أيام، عثر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، المعروف باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي المغربي، في قرية بوجدور الصحراوية بالقرب من مدينة الداخلة على بعد مائة كيلومتر من العيون، على مزرعة كان يجري فيها بناء مهبط للطائرات المخصصة لتهريب المخدرات القادمة من أمريكا الجنوبية والمتجهة نحو أوروبا.

في الواقع، يتمثل هدف المدعي عليهم في إنشاء جسر جوي بين البلدان المنتجة والموزعة لهذه المواد المخدرة. وكان بين المعتقلين السبعة عشر في هذه العملية، عنصران من القوات البحرية الملكية المغربية وثلاثة رجال من الدرك، إلى جانب ثلاثة كولومبيين.

لقد أكد أحد الأشخاص المقربين من جهاز مكافحة تجارة المخدرات في المغرب، الذي طالب بعدم ذكر اسمه، أن نسق تهريب المخدرات من أمريكا الجنوبية ارتفاع خلال العام الماضي. وأشار المصدر نفسه إلى أن الولايات المتحدة والدول الرئيسية في الاتحاد الأوروبي قد زادت بشكل ملحوظ في عدد المختصين في مكافحة تهريب المخدرات المتجهة نحو المغرب. ويرى هذا الأخصائي أن السبب المحتمل الذي يفسر ازدهار تجارة المخدرات في المغرب الكبير هو تمركز الجيش الأمريكي على الحدود مع المكسيك.

في سياق متصل، صرح أحد الباحثين الأوروبيين، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، بأن "عصابات أمريكا الجنوبية كانت تستخدم أفريقيا لسنوات كوسيط لإرسال بضائعها إلى أوروبا، وهذا الأمر ليس جديدا. لكن من المؤكد أن النشاط قد ازداد بشكل واضح في السنوات الأخيرة. ومن جهتها، سعت الشرطة المغربية إلى التخصص في مكافحة الكوكايين".

خلال سنة 2016، ضبط المغرب حوالي طن ونصف من هذه المادة المخدرة، في سابقة هي الأولى من نوعها. وفي السنة التالية، وتحديدا في تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2017، سجل المغرب مرة أخرى رقماً قياسياً بضبط حوالي 2.5 طن من الكوكايين في مزرعتين تقعان غرب البلاد، في منطقة الصخيرات المغربية. ولكن يعد هذا الرقم بعيداً جداً عن الرقم القياسي التاريخي الذي سجلته المكسيك، حيث تم ضبط 23 طناً سنة 2007، وعن 18 طنا من الكوكايين التي صودرت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في فلوريدا، والتي تقدر قيمتها بحوالي 440 مليون يورو. لكن هذه المحجوزات لا تبعد كثيراً عن 5.5 طن التي ضُبطت في سنة 2017 على متن سفينة من الإكوادور متجهةٍ نحو إسبانيا.

امتدت عمليات ضبط المخدرات إلى الجزائر وموريتانيا، ومع ذلك فإن الأرقام التي سُجلت في هذين البلدين لم تجذب انتباه الصحافة الدولية. في المقابل، كان سجلّ كلا البلدين مع كارتيلات أمريكا الجنوبية في المنطقة لافتاً. وفي شباط/ فبراير من سنة 2016، صادرت السلطات الموريتانية حوالي طنين من الكوكايين في مستوطنة سياحية على ساحل المحيط الأطلسي، تبعد 200 كيلومتر عن العاصمة. وبعد ستة أشهر، عثرت السلطات على طن من الكوكايين في ميناء نواذيبو القريب من الصحراء الغربية.
في شهر شباط/ فبراير الماضي، تمكنت وحدات الشرطة المغربية مرة أخرى من حجز أكثر من نصف طن من الكوكايين (حوالي 541 كيلوغراما) في ميناء الدار البيضاء. وفي شهر أيار/ مايو، ضبطت الشرطة الجزائرية في مدينة وهران أكبر مخْبئ للمخدرات المهربة، حيث عُثر على حوالي 701 كيلوغرام من الكوكايين في سفينة تجارية مخصصة لنقل اللحوم المجمدة من البرازيل، والتي رست قبل ثلاثة أيام في فالنسيا. وقد تم تنبيه أعوان الجمارك الجزائرية من قبل زملائهم الإسبان.

لقد تورطت عدة شخصيات تابعة لوزارة العدل والجيش والدرك إلى جانب عدد من السياسيين في قضية المحجوزات، والمتهم الرئيسي هو المطور العقاري الجزائري كمال الشيخي، المعروف باسم كمال "الجزار". وقد اعتاد رجل الأعمال الجزائري تصوير وتسجيل أعمال شركائه لتغطية أفعاله وحماية نفسه، لذلك عندما تم اعتقاله افتُضِح أمر لقاءاته مع القضاة والمدعين العامين وبعض أبناء السياسيين. ولا تزال هذه القضية قيد التحقيق في محكمة بالعاصمة الجزائرية، على الرغم من عدم تسريب الخبر في الصحف.

في الوقت الراهن، تم إقالة حوالي 11 قاض من مناصبهم الذين وُجهت إليهم العديد من الاتهامات، من بينهم نجل رئيس الوزراء السابق عبد المجيد تبون والسائق الشخصي للمدير العام للأمن الوطني بالجزائر، اللواء عبد الغني هامل، الذي تم عزله بعد شهر من ضبط الكوكايين.

في شهر حزيران/ يونيو الماضي، طرح الموقع الإعلامي الجزائري "كل شيء عن الجزائر" تساؤلات حول "مسألة تكثيف عمليات مكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات في السنوات الأخيرة، وكيف يمكن تفسير كميات المخدرات الهامة التي تدخل البلاد؟". أما في المغرب، لم يتجرأ أي أحد حتى الآن على طرح هذا النوع من الأسئلة. كما لم يتحدث أي طرف عن وجود شخص يحمل اسم كمال "الجزار"، ولم يسجن أي عسكري أو أي مسؤول سام من الدرك. لكن، عمليات حجز المخدرات متواصلة.
https://www.noonpost.org/content/26025

قراءة 821 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)