تميزت السنة التي تشارف على الانقضاء بإعطاء نفس جديد للعلاقات الودية والعريقة التي تربط المغرب والبرازيل على أكثر من صعيد.
ففي الشق الاقتصادي، شهدت الشراكة المغربية-البرازيلية زخما متجددا من خلال زيارة قام بها إلى المغرب في مارس الماضي ماورو فييرا، الذي كان يتولى حينها حقيبة وزارة الشؤون الخارجية. وهي الزيارة التي تميزت بتنظيم المنتدى الاقتصادي الأول بين المغرب والبرازيل، ما شكل انطلاقة جديدة لدينامية العلاقات بين المملكة وعملاق أمريكا اللاتينية.
وخلال أشهر قليلة بعد ذلك تمكن الفاعلون الاقتصاديون البرازيليون من استكشاف الفرص التجارية التي يمنحها المغرب خلال لقاء نظم بمقر الغرفة التجارة العربية البرازيلية بمدينة ساوباولو.
وخلال هذا اللقاء، الذي نظم تحت شعار "القطب المالي للدار البيضاء .. قاعدتكم نحو إفريقيا"، تم استعراض مختلف الخدمات التي تتيحها هذه الهيئة المالية المغربية، وكذا المزايا الاقتصادية والضريبية التي تقدمها المملكة.
وتم بالمناسبة، التأكيد على أن القطب المالي للدار البيضاء يمثل أفضل مدخل للولوج إلى إفريقيا، وقاعدة مستقرة ومربحة، خاصة وأن القطب يتموقع كأول مركز إقليمي من نوعه يعزز الريادة الإقليمية للمملكة.
سياسيا، تم تسليط الضوء على رغبة المغرب والبرازيل في إعطاء دفعة جديدة للعلاقات البرلمانية وذلك من خلال سلسلة من اللقاءات عقدها سفير المغرب في البرازيل، السيد نبيل الدغوغي، مع عدد من أعضاء البرلمان البرازيلي.
وبهذه المناسبة، أشاد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيد بيدرو فيليلا بدينامية الانفتاح والحداثة التي يعيشها المغرب، وكذا بدور المملكة الديبلوماسي البارز على مستوى الساحة الدولية.
كما رحب بمقترح تنظيم المنتدى البرلماني البرازيلي المغربي خلال الربع الأول من سنة 2017، وذلك احتفاء بالذكرى ال110 للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين ولمعالجة القضايا ذات الاهتمام المشترك، من بينها على الخصوص الأمن الغذائي والتغيرات المناخية والتعاون جنوب-جنوب.
من ناحية أخرى، أشاد رئيس اللجنة المشتركة بشأن التغيرات المناخية، فرناندو بيزيرا كويليو، بالتنظيم الجيد لمؤتمر المناخ "كوب 22" الذي احتضنته مدينة مراكش في نونبر الماضي، وهو الحدث العالمي الذي عزز صورة المغرب وإشعاعه الدولي.
أما السيناتور أنطونيو أناستازيا، وهو شخصية بارزة في عالم السياسة البرازيلية، فقد عبر عن إعجابه الكبير بقيادة جلالة الملك وبالتقدم الذي أحرزته المملكة في مختلف المجالات، معربا عن استعداده للمساهمة من منظور برلماني، في تعزيز وتوطيد العلاقات بين المغرب والبرازيل.
وعرف التعاون بين المغرب والبرازيل في مجال تدبير الشأن المحلي تقدما مهما من خلال مشاركة المغرب في أبريل الماضي بريو دي جانيرو في أشغال الدورة السابعة لقمة الحكومات الجهوية التابعة لمنظمة (الجهات المتحدة/ المنتدى العام لجمعية الجهات) من خلال وفد هام ترأسه السيد امحند العنصر رئيس "جمعية رؤساء الجهات" بالمغرب ورئيس مجلس جهة فاس- مكناس.
كما أن عملاق أمريكا الجنوبية بصم على حضور لافت في أشغال "كوب22" بمشاركة وفد رفيع المستوى ترأسه وزير البيئة، سارني فيليو، وأزيد من 271 مندوبا، من بينهم مسؤولون حكوميون وبرلمانيون ورجال أعمال وأعضاء في منظمات غير حكومية.
وأعقب هذه المشاركة، تنظيم جلسة علنية للجنة المشتركة حول التغيرات المناخية عقدت مطلع دجنبر الجاري بمقر مجلس الشيوخ البرازيلي وتمحورت حول نتائج قمة مراكش للمناخ التي كانت الموعد الذي أرسى أسس الوعي البيئي الجديد.
أما العلاقات الثقافية، فقد عرفت بدورها زخما خاصا من خلال مشاركة المغرب في أهم الأحداث والأنشطة التي شهدتها العاصمة برازيليا وساوباولو وريو دي جانيرو.
وسجلت الخطوط الملكية المغربية حضورا متميزا في الألعاب الأولمبية، التي نظمت ما بين 5 و21 غشت الماضي بريو دي جانيرو، من خلال تهيئة مجسم بالحجم الحقيقي لطائرة من نوع بوينغ 737-800 بالألوان الداخلية والخارجية للشركة، عند مدخل لرواق "بيت الضيافة لإفريقيا/ كازا دا أفريقيا" المخصص لإفريقيا بمناسبة تنظيم الألعاب الأولمبية.
ومكن الرواق المقام تحت شعار "تجربة السفر إلى إفريقيا"، من تسليط الضوء على صورة المملكة المغربية وموقعها المتميز كبوابة للقارة، كما عكس مكانة الخطوط الملكية المغربية كمحور ربط بين القارة الإفريقية وباقي أنحاء العالم.
وفي الميدان الفني شهد المؤتمر الـ21 للفدرالية الدولية للممثلين، الذي احتضنت أشغاله مدينة ساو باولو البرازيلية في شتنبر الماضي مشاركة مغربية متميزة تركت انطباعا جيدا لدى المشاركين بالنظر إلى التقدم الذي أحرزته المملكة في مجال النهوض بحقوق الفنانين.
وتوج المؤتمر الـ21 لهذه المنظمة الدولية باختيار السيد مسعود بوحسين، رئيس النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية (النقابة المغربية لمحترفي المسرح، سابقا) عضوا باللجنة التنفيذية للفيدرالية الدولية للممثلين.
وفي إطار مشاركته في النسخة ال44 للمعرض الدولي للسياحة الذي نظم أواخر شتنبر بساوباولو حصل المغرب الذي كان ممثلا بالمكتب الوطني للسياحة على جائزة أفضل إبداع بالنظر إلى جمالية رواقه في هذا الموعد السياحي الدولي.
ويعكس التتويج الجهود التي يبذلها المغرب في مجال النهوض بالمنتوج السياحي عبر العالم.
كما تم تسليط الضوء على هذه الجهود في نونبر الماضي خلال الدورة الـ12 للمعرض الدولي للسفارات ببرازيليا، الذي عرف مشاركة متميزة للمغرب، إلى جانب ممثلي البعثات الديبلوماسية المعتمدة بالبرازيل.
ثراء وتنوع العلاقات التي تجمع المغرب مع أكبر اقتصادات أمريكا اللاتينية يعكس وجود مؤهلات كبيرة ما فتئت تتعزز على نحو متصاعد سنة بعد أخرى خدمة للعلاقات الدبلوماسية القائمة بين البلدين منذ أكثر من قرن من الزمن.
المصدر
http://www.cawalisse.com/mobile/politique/4314.html