وأضاف في لقاء خاص أنه رغم أن غالبية هؤلاء من المسيحيين فإن بينهم أيضا من المسلمين، وعليه، فإن حالة عدم الاستقرار واتساع نطاق العنف في الأراضي السورية له تأثير كبير علينا بشكل شخصي وعاطفي.
وأشار باتريوتا الذي شغل سابقا منصبي وزير الخارجية وسفير بلاده لدى واشنطن أن الوضع في سوريا في الوقت الحالي أصبح أكثر عنفا ووحشية ودموية، مؤكدا أن الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لنا للخروج من تلك الأزمة، حيث إننا لا نحبذ الحل العسكري للوضع في سوريا، وهذا ما أكدنا عليه مرارا وتكرارا في مجلس الأمن. وأضاف قائلا: «إن الوثيقة الختامية لمؤتمر جنيف الأول في منتصف عام 2012، مثلت خطة عمل من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة السورية. غير أنه وللأسف، لم يقر مجلس الأمن تلك الوثيقة خلال الأشهر التالية لأسباب أعتقد أن لها علاقة بالسياسة الداخلية في بعض الأعضاء (الدول) الدائمين في مجلس الأمن، وليس لها علاقة بالأزمة السورية نفسها. وقد أدى ذلك إلى تأخر وضع استراتيجية للضغط على الأطراف للقبول بالدخول في عملية انتقال السياسي. وبعد عدة أشهر، أدى استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا إلى عقد اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا انضمت سوريا بموجبه إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، ووافقت على تفكيك ترسانة الأسلحة الكيماوية الخاصة بها، وهو ما يعد في حد ذاته تطورا إيجابيا للغاية. ولكن ربما كان الأمر الأكثر أهمية هو إقرار وثيقة مؤتمر جنيف الأول بشكل نهائي من قبل مجلس الأمن، والتي تنص – ضمن أمور أخرى – على أنه ليس هناك حل عسكري للأزمة السورية وتتوقع تنفيذ برنامج سياسي وخطة انتقالية للبلاد.
وحول رؤيته للصيغة المناسبة لتحقيق السلام في سوريا قال: إن الصيغة موجودة بالفعل في وثيقة مؤتمر جنيف الأول، ولهذا فنحن لسنا في حاجة إلى البدء من المربع صفر. وأعتقد أن السؤال الذي ينبغي أن نطرحه في الوقت الحالي هو: هل سيكون لخطوة تنقية الأجواء بين السلطات الإيرانية والحكومات الغربية - لا سيما الولايات المتحدة – والتي أدت إلى توقيع اتفاق مؤقت بشأن الملف النووي الإيراني، آثار إيجابية على الوضع في سوريا. التأثير الذي أصبح أكثر وضوحا في الأشهر القليلة الماضية هو أنه بعد أن كانت بعض البلدان تعد رحيل (الرئيس السوري) بشار الأسد شرطا مسبقا لبدأ مرحلة انتقالية في سوريا، حسنا، لم يعد هذا الاقتراح واقعيا بالمرة، وعد الاتفاق الخاص بالأسلحة الكيماوية نقطة تحول على الكثير من المستويات.
وعن نظام الأسد والمخاوف من انحدار سوريا إلى سناريو الدولة الفاشلة قال: إن مصطلح «الدولة الفاشلة» يبدو مبالغا فيه بعض الشيء. لأن سوريا تتميز بذلك الشعور القوي بالهوية. لكن السؤال المهم هو كيف يمكن التعامل مع بعض من هذه الأجندات الإسلامية التي تطفو على السطح في الوقت الحال في منطقة الشرق الأوسط. وتابع قائلا: «أعتقد أنه طالما أن تلك الجماعات الإسلامية لا تدعو إلى العنف، وتظهر المزيد من الاستعداد للمشاركة في العملية الديمقراطية، فيجب أن يعطوا الفرصة للمشاركة في العملية السياسية».
وبالنسبة إلى الاتفاق النووي الأخير مع إيران قال: «أعتقد أن شيئا مهما قد حدث بالفعل، وأعتقد أن الإدارة الجديدة في طهران - المنتخبة على أساس برنامج يقوم على فكرة التغلب على هذا الانسداد الذي يخلق المزيد من الصعوبات لإيران – تمضي نحو تحقيق المزيد من التقدم. وبالنسبة للولايات المتحدة، أعتقد أن هناك استعدادا لفتح قنوات جادة للاتصال مع طهران، وهذا شيء طيب لم يحدث منذ سبعينات القرن الماضي. وعليه، فإن ما حدث في جنيف بين طهران وواشنطن يعد حدثا دبلوماسيا كبيرا، وعلينا ألا نقلل من أهميته. وأعتقد أنه سيؤدي إلى تغيير حقيقي في قواعد اللعبة السياسية في الشرق الأوسط بشكل إيجابي، أي أنه سيساعد في الحد من العنف وتقليل التوتر وإضافة مزيد من العقلانية لطرق حل مشكلات المنطقة». وردا على سؤال حول مشاركة البرازيل في مفاوضات إعلان طهران الذي صدر في عام 2010. وما إذا كان لها دور حاليا في المفاوضات لضمان التوصل إلى نتائج إيجابية قال: «أعتقد أن إعلان طهران يبقى مساهمة هامة على الصعيد الدبلوماسي، إذ يجري اللجوء إليه عندما تُستنفد قنوات الاتصال الأخرى وقبل اللجوء إلى فرض قرارات معينة».
وحول جهود وزير الخارجية الأميركي بشأن القضية الإسرائيلية - الفلسطينية أعرب عن اعتقاده بأن الذين يتشككون فيما قد تؤدي إليه هذه الجهود، لديهم بعض الحق في ذلك. في الواقع، هناك شعور بأن تلك الجهود نسخة مكررة مما جرى قبل ذلك، حيث يواصل الإسرائيليون بناء المستوطنات، وعليه، فنحن لا نرى نتائج ملموسة على أرض الواقع تتمخض عن تلك المفاوضات الدبلوماسية. لكن الجانب الآخر، تثبت التجربة العملية أنه حتى عندما يبدو أن الأمر يتكرر على نفس النحو السابق، تبقى هناك بعض العناصر الجديدة التي تدخل إلى السياسة على المستوى المحلي أو إلى الدبلوماسية على المستوى الدولي والتي تغير المعادلة بطريقة أو بأخرى. وإذا نظرنا إلى حقيقة أن الولايات المتحدة تدخل في محادثات مع إيران في الوقت الحالي وأنه جرى التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي، فإن ذلك يدحض حجة السلطات الإسرائيلية بأن التهديد الحقيقي لوجود إسرائيل هو الملف النووي الإيراني. وكلنا نعلم أن التهديد الحقيقي لإسرائيل ليس إيران، بل هو الفشل في التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، وهذا هو ما تحتاجه إسرائيل حقا من أجل الاستمرار في مسار مستدام من التنمية والسلام في منطقتها. تلك هي العناصر الأساسية لما ينبغي أن يُبنى عليه أي اتفاق بين الجانبين. إنها حقا مسألة إرادة سياسية وقيادة مستنيرة قادرة على اتخاذ القرار الصعب لعمل تنازلات حيث ينبغي أن تكون التنازلات.
http://www.syriahr.com/index.php?option=com_news&nid=16881&Itemid=2&task=displaynews