“أينما وجد نزاع فلا بد أن تكون المرأة جزءا من الحل” .. مقولة يبدو أنها تنطبق على ما يحدث في كولومبيا بعد أن بات حل الصراع وشيكا وهو الأمر الذي جعل من مشاركة المتمردات الكولومبيات في المفاوضات التي تجري حاليا بين الحكومة ومنظمة القوات المسلحة الثورية الكولومبية عاملا أكثر أهمية من أجل إحلال السلام في الفترة المقبلة.
فهذا البلد الذي يعاني صراعا يرجع لأكثر من النصف قرن ويعد من أطول الحروب الأهلية في العالم، حيث راح ضحيته ما يقرب من 222ألف شارف أخيرا على وضع نهاية له بعد أن وافقت الحكومة الكولومبية ومنظمة القوات المسلحة الثورية الكولومبية المعروفة بـ "فارك" على الشروط الأساسية للمصالحة، وهي المشاركة السياسية، واستصلاح الأراضي، وإزالة الألغام، والقضاء على تجارة الكوكايين.
غير انه على صعيد آخر، مازالت هناك مشكلة كبيرة يتعين أخذها على محمل الجد، وهي مسألة كيفية إعادة إدماج أكثر من ثمانية آلاف من متمردي فارك في الحياة المدنية ، حيث يهدد الفشل عملية إدماجهم مرة أخرى بشكل جيد، بمزيد من أعمال العنف التي غالبا ما يتحمل المجتمع العبء الأكبر منها، خاصة في ظل احتمال عودة هؤلاء المقاتلين للجبال و حمل السلاح، علاوة على احتمال تجنيدهم من قبل تجار المخدرات، التجارة الأكثر رواجا في البلاد .وتلعب المرأة دورا كبيرا في هذه الإشكالية يصعب التغاضي عنه، حيث تشكل نحو 30 إلى 40 في المائة من متمردي فارك، وبالتالي كان لا بد من إشراكها في عملية التفاوض بل ويقع على عاتق الحكومة الكولومبية تحديد أعداد النساء اللاتي انضممن للمنظمة بدقة ومعرفة الأدوار التي يقمن بها وخبراتهن ,واحتياجاتهن، ثم وضع برامج مناسبة وفعالة لاعادة ادماجهن تراعي المتطلبات المادية والنفسية لهن وتوفير مصWادر للرزق وإلا سيتمردن مرة أخرى خاصة في ظل تبوء المرأة المناصب القيادية داخل المنظمة وهو الأمر الذي لا يرجح رغبتهن في العودة إلى أدوارهن الاجتماعية السابقة.
وخلال الصراع الذي امتد لنحو نصف قرن لعبت النساء والفتيات أدوارا مهمة في المنظمة منذ تأسست الحركة عام 1964 وقامت النساء بنفس المهام التي يقوم بها نظرائهن من الرجال فهن يقاتلن جنبا إلى جنب معهم ضد القوات الحكومية، ، كما يقمن على خدمتهم للحفاظ على الروح المعنوية في صفوفهم . بالإضافة إلى عملهن كممرضات بعد أن تعلمن أساليب الإسعافات الأولية وتم تدريبهن للتعامل مع الاتصالات اللاسلكية مع القادة الذين يختبئون في الغابات وتخطيط العمليات العسكرية . وهذا الأمر ليس بجديد على متمردات هذه القارة فقد شاركت المرأة في حركات التمرد اليسارية في أمريكا اللاتينية لعدة عقود وتعد ديلما روسيف رئيسة البرازيل أشهر من شاركن في حرب العصابات في البرازيل، مما عرضها للتعذيب على يد الشرطة في 1970.
ويرى المحللون أن أفضل طريقة لضمان تصميم برامج فعالة لإدماج المرأة هو العمل على مقابلة أعضاء فارك السابقات والحاليات والاستماع مباشرة من النساء أنفسهن بدءا من الآن لتشمل عملية السلام استشارة شريحة متنوعة منهن لا تقتصر فقط على سماع وجهات نظر المقاتلات بل أيضا النساء المدنيات اللاتي يعشن في المجتمع الذي سوف يتم إدماج المقاتلات فيه، حيث انه في أيدهن الكثير سواء بنبذهن أو الترحيب بهن.
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/383612.aspx