هناك مقولة شهيرة لجيم أونيل، مبتكر مصطلح البريكس مفادها أن اداء الحكومة البرازيلية يلتهم اقتصاد الدولة رغم الموارد الهائلة التى تتمتع بها البرازيل، وذلك بسبب الفرق الشاسع فى ادارة الإقتصاد بين المنهج وبين التطبيق.
وهو ما يتجلى فى سياسة بنك التنمية الاقتصادية الاجتماعية حيث السياسةالخاطئة فى الاقراض وفى توغل البنك المركزى البرازيلى فى اتخاذ تدابير سياسات التدخل بالإضافة إلى بيروقراطية الحكومة البرازيلية .
وكان عدد من المحللين الاقتصاديين الذين عقدوا مقارنة بين الاداء الاقتصادى لكل من العملاق الاسيوى الصين والبرازيل أكبر وأهم اقتصاد فى امريكا اللاتينية، قد رصدوا وجود تناقض بين دور الحكومة فى التاريخ الحديث لكل منهما.
فعلى السطح، كلاهما مارس فى السنوات ال 12 الأخيرة بدائل متغيرة لرأسمالية الدولة. ومع ذلك هناك تشابه فى تنظيم القطاعات وإنشاء مجموعات اقتصادية استنادا إلى مبدأ الشراكات الوطنية الكبرى .
كما أن كليهما لجأ للاعلان عن ارقام مصطنعة فى الحركة الاقتصادية للسيطرة على التضخم.
وفى الصين على سبيل المثال، ظل سعر صرف العملة مقابل الدولار منخفضاً لعقود طويلة وذلك خدمة لتشجيع التصدير .و أيضا ظل رفع قيمة الرواتب والأجور على مدى ال35 سنة الماضية اقل من النسبة إلى نمو الناتج المحلى الإجمالي. ولذلك لم يكن من المستغرب ان تملك الصين 3.8 تريليون دولار من الاحتياطى النقدي.
ولكن الفرق الرئيسى بين البلدين من وجهة نظر المحللين أن الحكومة الصينية وضعت ونفذت التخطيط الاستراتيجى لبلادها. و لذلك كان هناك دوراً مهماً وجوهريا للحكومة، ولكن استحواذها كان بدرجة اقل مما هو الحال فى البرازيل حيث الحكومة تستحوذ على القرار كصاحبة الوجود المطلق فى كل قطاع من القطاعات.
أما على نطاق الاقتصاد الجزئى او ما يسمى “ميكرو ايكونوميكس” فتعد الصين حاليا أكثر ليبرالية من البرازيل. وأيضا فى مجال التجارة العالمية تعد الصين أقل حمائية من البرازيل وكذلك الوضع فى مجال السياسة الصناعية، فأن الصين تعتبر أقل تدخلاً من تدخل الحكومة البرازيلية فى هذا القطاع.
أما بالنسبة للأعباء الصريبية، ففى الصين على سبيل المثال يبلغ العبء الضريبى 18٪ من الناتج المحلى الإجمالي. بينما يبلغ فى البرازيل، 37٪..
وعلى عكس ما يمكن ملاحظته فى الجامعات الحكومية البرازيلية، فأن التعليم العالى العام فى الصين غير متاح بالمجان ، وبالمقابل يخصص الصينيون 2% من الناتج الاجمالى المحلى لقطاع الابتكار وهذه النسبة تبلغ ضعف النسبة المخصصة البرازيل.
وبفضل نجاح الصين فى خفض الكلفة لانتاجها فى الداخل عندما جمعت بين ذلك وبين سياسة التجارة الخارجية وجذب استثمارات جديدة. فقد نجحت فى اعوام السبعينات والثمانينات من القرن الماضى فى الوصول للأسواق الأمريكية والأوروبية. واستخدمت رؤوس الأموال الأجنبية لتعزيز البنية التحتية الداخلية.
ورغم ذلك يأخذ المحللون الاقتصاديون على حكومة بكين استمرار وجود شبكة معقدة لاصحاب النفوذ لا تسمح الا بتصعيد فئة قليلة، وهو وضع مماثل لما يحدث فى البرازيل، حيث ينبغى ان يكون لرجل الاعمال صلة بأصحاب النفوذ ليتسنى الحصول على فرصة عمل او الفوز بصفقة تجارية .
ومن ثم فان المقارنة من حيث الرؤية طويلة الأجل والقدرة التنافسية والاندماج فى الاقتصاد العالمي، تشير الى أن البرازيل بالتأكيد ما زالت أقل نجاحا بكثير من الصين. فرغم الإتفاق على رأسمالية الدولة إلا أن هناك اختلافات جذرية فى التطبيق.
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/351133.aspx