فنزويلا .. تاريخ من الانقلابات العسكرية

الإثنين, 31 آذار/مارس 2014 07:57
ففى اجتماع عقده بكراكاس العاصمة مع وزراء خارجية اتحاد دول أمريكا الجنوبية (الأوناسور) كشف مادورو عن خطة كان يعدها هؤلاء الجنرالات للانقلاب على شرعية الحكومة وزعزعة استقرار البلاد, ودون ذكر لمزيد من التفاصيل أو حتى الإعلان عن أسماء, أكد مادورو أنه كانت هناك صلات مباشرة تربط الجنرالات الموقوفين مع قطاعات من المعارضة، وأن المؤامرة تكشفت عن طريق ضباط آخرين أبلغوا عن هذه المحاولة الانقلابية, لتفتح هذه المؤامرة أبوابا من التساؤلات حول مستقبل هذه الحكومة ومدى قدرتها على الوقوف فى وجه الاحتجاجات والمؤامرات. من المعروف أن فنزويلا تعيش منذ أسابيع على صفيح ساخن من الاحتجاجات الاجتماعية اتخذت من شرق العاصمة كاراكاس مسرحا لها، وهى احتجاجات خلفت قتلى وجرحى ومعتقلين وفتحت باب الانتقادات الدولية والإقليمية، وأطلقت العنان للتكهنات بخصوص مستقبل حكومة الرئيس نيكولاس مادورو, فهل هو بالفعل ربيع لاتينى قادم ورياح تغيير عاتية قد حلت بهذا البلد, أم أن كاراكاس ليست بنغازى وفنزويلا ليست أوكرانيا؟
هى احتجاجات وعنف إتخذت أشكالا كثيرة, وبين مسلسل الأحداث الذى يكتب فصوله المحتجون وقوات الأمن كل ليلة فى ساحة «التاميرا» الشهيرة شرق العاصمة كاراكاس من قطع للطريق بجذوع الأشجار والرشق بالحجارة ورصاص مطاطى وآخر حي, تقف حكومة مادورو عاجزة أمام تجاوز الأزمة, فهى تعانى من عدة مشاكل، إذ تأتى فنزويلا ضمن الدول الأكثر معاناة من الفقر فى العالم منذ عام 2013 وحتى اليوم، وتعانى عجزا ماليا يصل إلى 15 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالي.
الشرارة الأولى للاحتجاجات بدأت فى شكل مظاهرة صغيرة للتنديد باعتداء جنسى حدث داخل حرم جامعى لم تعر الحكومة أو الشرطة أى اهتمام له فى البداية, فهو لم يكن يحمل أية شعارات سياسية تطالب بتغيير النظام أو تناول قضايا تهدد الأمن الداخلي, ورغم أن هذه المظاهرة حدثت فى منطقة بعيدة عن العاصمة الفنزويلية، فأنها كبرت يوما بعد يوم لتصل إلى كاراكاس وتتبناها قوى المعارضة وتتحول إلى انتفاضة شعبية ضد الرئيس الحالى مادورو الذى لم يكمل عامه الأول فى الحكم والشخص الذى اختير ليحل محل الرئيس الراحل هوجو تشافيز. وكان الهدف الأساسى لهذه الاحتجاجات المطالبة بتحسين مستوى العيش كما نددت بغلاء الأسعار وارتفاع معدلات الجريمة والعنف ونقص المواد الغذائية الأساسية وارتفاع معدلات التضخم التى بلغت العام الماضى مستويات قياسية (أكثر من 56 بالمائة). وبالرجوع إلى تاريخ فنزويلا سنجد أن كلمة «إنقلاب» ليست بالجديدة أو الغريبة على قاموس هذا البلد, فـ «فنزويلا» لها تاريخ لا بأس به فيما يخص الإنقلابات العسكرية, ففى الثانى عشر من أبريل عام 2002 قامت مجموعة من قادة الجيش الفنزويلى مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية بخلع الرئيس المنتخب وقتها هوجو تشافيز عن سلطته واقامت سلطة بديلة برئاسة رجل الأعمال الثرى كارمونا المناهض لتشافيز والمناصر للغرب, وهى سلطة حكمت لمدة ثمانى واربعين ساعة فقط، فترة قصيرة ولكنها هزت أمريكا اللاتينية واحتبست خلالها أنفاس قادة منظمة أوبك, فقد عاشت فنزويلا خلال يومين أسرع انقلابين فى التاريخ, الانقلاب الأول "عسكري" أطاح بالرئيس تشافيز, وتم وقتها نقله إلى قاعدة عسكرية فى إحدى الجزر الفنزويلية, والانقلاب الثانى «مدني» أعاد الرئيس مرة أخرى إلى قمة السلطة وقيادة البلاد بعد أن قام أنصاره بتنظيم مظاهرات ضخمة مؤيدة له عمت البلاد, إلي جانب ذلك كان السلوك السيئ والمنهج الضعيف للقيادة الجديدة فى التعامل مع قضايا الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما جعل من المستحيل على كثير من الأحزاب والقوى السياسية الاستمرار فى تأييد هذه القيادة، كل ذلك أدى إلى فشل الحركة الأمريكية فى إسقاط تشافيز وعاد للسلطة مرة أخري.
أما تشافيز نفسه فقد قاد هو الآخر محاولة انقلاب عام 1992 ضد نظام الرئيس السابق اندريز بيريز تحت مطالب تركزت على ايقاف نهب الثروات الوطنية وتهريب رءوس الأموال الى الخارج والدفاع عن مصالح الفقراء فى بلد غنى بثرواته وفى مقدمتها النفط, بينما ألغى قادة انقلاب ابريل 2002 سياسة تشافيز الراديكالية خصوصا فى ميدان النفط والتجارة والعلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فقد اتخذت حكومة الثمانى وأربعين ساعة مجموعة من القرارات العاجلة أوضحت هويتها تمثلت فى إلغاء البرلمان ووقف النفط عن كوبا وتأمين نصف صادرات النفط للولايات المتحدة الأمريكية.
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/272973.aspx

قراءة 1304 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)