06/01/2019
في تصرف أثار الاستغراب، نقل الرئيس البرازيلي الجديد غايير بولسونارو عبر صفحته على فيبسوك تغريدتين عن موقع تويتر وأعاد نشرهما في منشور خاص مرفقا بفيديو لامرأة يرجمها رجال بالحجارة، دون تحديد مصدره.
التغريدات التي نقلها بولسونارو جاءت بداية من حساب يحمل اسم "Just Carol10" جاء فيه "تحذير مشاهد عنيفة. تحت قانون الشريعة، تُقتل المرأة رجما بالحجارة من قبل عدد من الجبناء المسلمين"، مضيفا "بهذه الثقافة يريدون غزو الغرب، ونحن لا نوافق على هذا النوع من البربرية".
وبعد التحقق من الحساب، تبين أن صاحبته ناشطة مؤيدة لبولسونارو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتضع في توصيفها الشخصي وسم "BanIslam" (احظروا الإسلام) إلى جانب وسوم تأييد لبولسونارو.
بينما جاءت التغريدة الثانية في المنشور الرئاسي ذاته نقلا عن حساب "PauloMatrins10" في تعليق له على الفيديو ذاته، معتبرا أنه "واحد من أكبر الأعمال البربرية التي تحدث على الكرة الأرضية". وتساءل في حديث موجه لليسار البرازيلي "أليس على النساء اليساريات أن ينتفضن ضد هذه الأعمال الوحشية؟".
وتبين أن باولو مارتينيس صاحب الحساب هو نائب فدرالي عن الحزب المسيحي الاجتماعي، وهو أحد الأحزاب اليمينية المتطرفة الصاعدة في البرلمان البرازيلي.
تفاعل كبير
على حساب الرئيس الذي يملك أكثر من تسعة ملايين متابع عبر فيسبوك، شاهد الفيديو في 12 ساعة فقط أكثر من 750 ألف مشاهد، بينما حصل على أكثر من 14 ألف مشاركة وتعليق، في تفاعل متصاعد بشكل كبير.
وانقسمت ردود الفعل بين مؤيد للخطاب ومطالب بالمزيد من هذه التوجهات، وبين معارض بشدة ومشكك بنوايا الرئيس من طرح هكذا قضية.
وقالت متابعة للصفحة تدعى دان سيكيرا في تعليق لها على الفيديو "الحمد لله أنني عشت بما فيه الكفاية لرؤية رئيس الجمهورية يخرج ضد هذا النوع من الهمجية (وهو أمر لم تفعله الحكومات السابقة)".
بينما علقت متابعة له من الولايات المتحدة بقولها "شكرا لك على اللحاق بترامب في حماية الغرب من هذا الخطر. قاتلوا بشدة".
وطرحت تعليقات مناهضة لنشر هذا الفيديو كان منها ما كتبه كارلوس فيلو "سيادة الرئيس، احذر من طرح مثل هذه الآراء الشخصية، لا تجذب العنف من هذا التطرف الديني إلى داخل حدودنا. لن تستطيع تحمل مسؤولية جلب المخاطر للأشخاص الذين تعهدت بحمايتهم، اتركهم في مكانهم على إيمانهم وقواعدهم".
بينما قالت لولي فراري سافاريس في تعليقها "قد أكون قلقة على المسلمات، لكني أقلق أكثر على النساء البرازيليات، لأننا هنا في وطننا. حيث يؤخذ موضوع قتل النساء هنا على سبيل المزاح، أعتقد أنه على الرئيس يهتم أكثر بالبرازيليات اللاتي يقتلن بسبب العنف المنزلي كل يوم في البرازيل أكثر من قلقه من المسلمين".
وأضافت "لقد انتخبت رئيسا للبرازيل، عليه التركيز على مشاكل بلدنا أولا، هذا التصرف متناقض للغاية"، وتساءلت "هل هناك محاولة لمهاجمة جهة ما، ما الذي ينتظرنا أكثر من هذا الرئيس للبرازيل؟!".
من جهته دافع لوكاس كوريتور عن المسلمين بقوله "يحدث هذا لدينا هنا، وبالتأكيد القاتل لا يكون مسلما"، مضيفا "لا ينبغي أن تكون الكراهية موجودة في الروتين اليومي لشخص مسؤول عن أمة". وفي دعوة للرئيس قال "على الأقل يجب عليك أن تبحث عن معلومات قبل نشر خطاب الكراهية ضد الأقليات".
حلقة من سلسلة
لم تكن هذه المرة الأولى التي ترفع فيها شعارات تتهجم على "الشريعة"، فخلال الجولات الانتخابية والمهرجانات الجماهيرية للرئيس البرازيلي رفع عدد من مناصريه لافتات كتب عليها "لا للشريعة" و"لا نريد الشريعة في البرازيل"، بينما تحدثت مجموعات يمينية متطرفة عن ضرورة تقديم مشروع قانون يجرِّم الشريعة في البرازيل.
وفي حديث خص به الجزيرة نت، قال الأمين العام لمجلس مشايخ البرازيل، الشيخ خالد تقي الدين، إن "هذا الخطاب شديد الخطورة على المجتمع البرازيلي كما على المسلمين فيه، لكون البرازيل معروفة بسلامها وأمنها المجتمعي، وتعايش جميع الديانات والأعراق فيها بكل حرية وتسامح".
ووضع تقي الدين هذه الخطوة في إطار "تحركات مشبوهة نرصدها منذ فترة تقوم بها بعض التيارات اليمينية المتطرفة من التهجم على الإسلام، إضافة إلى ظهور بعض الحسابات الوهمية على وسائل التواصل الاجتماعي تدعي الإسلام وتقدم نموذجا متطرفا عنه لا يمثله إطلاقا".
وقال إنه تعرض شخصيا لحملة من التكفير والتهجم عليه من مثل هذه الحسابات بعد نشره لفتوى تؤكد ضرورة التسامح والتعايش، خصوصا في تهنئة شركاء الوطن من كافة الأديان بأعيادهم. وحذر من "وجود حملة منظمة لتشويه الإسلام وتأليب الرأي العام عليه وعلى أتباعه الذين لطالما عاشوا بسلام وساهموا في بناء البرازيل".
هروب إلى الأمام
وقبل هذه التغريدة ببضع ساعات، حدثت مشادة كلامية بين الرئيس البرازيلي الجديد ومنافسه السابق على مقعد الرئاسة من حزب العمال اليساري فرناندو حداد، عبر تغريدات بتويتر حول الاتهامات بالتقصير والفساد، أفضت إلى حظر بولسونارو لحداد من حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي.
وربط الداعية البرازيلي رودريغو رودريغيس بين القضيتين معتبرا أن "الرئيس البرازيلي استخدم هذا الفيديو ليغطي عن المشادة الكلامية الأخيرة مع مرشح حزب العمال، وليستخدمها في هجومه المستمر على الحزب اليساري".
وأضاف "يحاول بهذه الخطوة أن يقول إن من يدعمهم حزب العمال متطرفون أمثال ما يقوم به هؤلاء في الفيديو"، متسائلا "أليست جرائم القتل والاغتصاب وظلم النساء يحدث أيضا في البرازيل؟".
واعتبر هذه التصرفات "تحويلا للأنظار عن القضايا المهمة في البلاد نحو قضايا أخرى تشغل الرأي العام، رغم كونها بعيدة كل البعد عن البرازيل والمجتمع البرازيلي".
وعبر عن استعداده "كبرازيلي اعتنق الإسلام وخدم في الجيش البرازيلي ودرّس علم الاجتماع في مدارسها الحكومية، يحب وطنه، بتوضيح أي إشكال لدى الرئيس أو غيره عن الإسلام وإيصال الحقيقة كما هي".
المقابلة الأولى
وتأتي هذه الضجة بعد ثلاثة أيام من مقابلة بولسونارو التلفزيونية الأولى عقب تنصيبه عبر قناة "أس بي تي" البرازيلية، التي صرّح فيها بخصوص نقل السفارة البرازيلية إلى القدس والعلاقة مع العالم العربي.
واعتبر خلال المقابلة "أن القليل من الدول العربية الراديكالية قد ترفض الخطوة، بينما هناك دول كثيرة لن يؤثر فيها مثل هذا القرار".
وأضاف "أن تنفيذ القرار يحتاج إلى تحديد وقت للتنفيذ"، مؤكدا أن "الشعب الإسرائيلي هو الذي يحدد أين يجب أن تكون عاصمته، فلا أحد يحدد لنا أين عاصمتنا". وقال إن العلاقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "أكثر من صداقة، هي علاقة أخوة".
https://www.aljazeera.net