ناقش كبار مسؤولي وزارات الخارجية للدول العربية ودول أميركا الجنوبية (إعلان الرياض) المزمع اقراره في اجتماع القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية في العاصمة الرياض في جلسة مغلقة قبل يومين من انطلاق القمة الرابعة. وقد تضمنت مسودة الوثيقة – التي حصلت "الرياض" على نسخة منها - التأكيد على المساواة في حق جميع الشعوب في العيش في عالم خال من أية أسلحة نووية وإدراك هذا لن يتحقق إلا من خلال الإزالة التامة دون رجعة لجميع الترسانات النووية الموجودة, وتحقيقا لذلك دعوة المجتمع الدولي لتبني نهج أكثر فاعلية لتنفيذ المادة السادسة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية حتى تستعيد المعاهدة مصداقيتها التي بدأت تتآكل بسبب عدم تنفيذ الالتزامات الخاصة بنزع السلاح المنصوص عليها في المادة (VI) وأيضا دعوة المجتمع الدولي للانخراط في مفاوضات حول معاهدة لمنع وإزالة الأسلحة النووية تحت رقابة دولية صارمة وفعالة. وإعادة التأكيد على استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية هو حق لا يمكن مصادرته للدول الموقعة على اتفاقية منع الانتشار وأن تطبيق هذا الحق بطريقة تمييزية أو انتقائية سوف يؤثر على مصداقية المعاهدة.
كما تناول اعلان الرياض الشقين السياسي الذي احتوى على 44 بندا وشق التعاون في المجالات القطاعية التي تناولت 17 بندا.
خمسة مقترحات
واقترح اجتماع الدول العربية ودول أميركا الجنوبية خمسة مقترحات لآليات المتابعة وهيكل القمة العربية الأميركية الجنوبية, التي تقتضي تطوير الهيكل التنظيمي لقمة الدول العربية ودول أميركا الجنوبية المنصوص عليه في البند رقم (119) من "إعلان الدوحة" الصادر عن القمة الثنائية 2009 من أجل جعله أكثر ديناميكية.
فاقترح على المستوى الأعلى أن تكون القمة المكونة من رؤساء الدول والحكومات وتجتمع كل ثلاثة أعوام. وعلى المستوى الثاني وجود مجلس وزراء الخارجية ويجتمع كل عامين, وعلى المستوى الثالث وجود مجلس كبار المسؤولين في وزارات الخارجية ويشكل من المنسقين الوطنيين ويجتمع بشكل سنوي.
وأضاف المستوى الرابع وجود اللجان القطاعية المكونة من الخبراء في كل المجالات وتجتمع على الأقل مرتين في السنة على أن يتم تفعيل عمل هذه اللجان القطاعية المشتركة من خلال:
• أن تتولى رئاسة اللجنة الدولية المضيفة لآخر اجتماع وزاري قطاعي في مجال التعاون الخاص به.
• أن تقوم رئاسة اللجنة بإرسال الدعوات وتحديد مكان وموعد انعقاد اجتماعاتها وجدول أعمالها وبرنامج عملها بالتعاون مع الأمانة العامة منسق الدول العربية ومع البرازيل منسق دول أميركا الجنوبية.
إلى جانب مجموعة التنسيق التنفيذي على المستوى الخامس وأن يكون لديها الصلاحيات التي تسمح لها بمتابعة تنفيذ ما صدر عن القمم العربية الاميركية الجنوبية والاجتماعات القطاعية, واقتراح مبادرات جديدة لتعزيز العلاقات بين الاقليمين, والاجتماع قبل اجتماعات كبار المسؤولين لتنسيق المواقف بين المجموعتين بشأن جدول الأعمال والموضوعات الأخرى ذات الصلة بها.
مع أهمية الاجتماع على هامش الاجتماعات الدولية للتشاور حول الموضوعات ذات الاهتمام المشترك, وعقد اجتماعاتها للتشاور على مستوى كبار المسؤولين أو على المستوى الوزاري إذا استدعى الأمر على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ستة بنود أولية
ومن المزمع أن يتم الاتفاق على ستة بنود أولية تصب في الترحيب بالحوار المكثف والتعاون متعدد الأطراف بين المنطقتين, وأهمية بذل جهود جديدة ومنهجية لتطوير شراكة استراتيجية بين الاقليمين والاتفاق على اتباع وتعزيز ومتابعة خطة العمل لتسهيل تنسيق الرؤى الاقليمية تجاه القضايا الدولية ودعم تطبيق برامج التعاون في المجالات القطاعية, والموافقة على تعزيز الحوار السياسي ودور الأمم المتحدة في حل النزاعات وحفظ ودعم السلام والأمن الدوليين والتأكيد على احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية والقانون الدولي الانساني.
إلى جانب التأكيد مجددا على الالتزام بالاستمرار في تعزيز التعاون العربي ودول أميركا الجنوبية لتعظيم الاستفادة من دورية انعقاد قمم الدول العربية ودول أميركا الجنوبية كل ثلاث سنوات في الدفع بالعمل الاقتصادي والاجتماعي بين الإقليمين إلى مرحلة بناء شراكة جديدة من خلال وضع برامج وسياسات للتعاون الاقتصادي والاجتماعي المشترك مع تنفيذ مشروعات تنموية تكون ركيزة أساسية في تحقيق التكامل المنشود لشعوب الاقليمين.
كما تطرق بيان الرياض في بنوده الستة الأولية إلى أهمية الادماج الاجتماعي وتعزيز التضامن والتعاون الدوليين من أجل تحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتقوية المؤسسات الحكومية في دولهم وتحسين نوعية حياة سكانهم واحترام تنوع الشعوب.
إنهاء الاحتلال
وفيما يخص الشق السياسي والعلاقات متعددة الأطراف أكد الاجتماع دعوة اسرائيل إلى الانسحاب الفوري من جميع الأراضي العربية التي تم احتلالها بما فيها الجولان السوري المحتل وما تبقى من الأراضي اللبنانية, وتفكيك جميع المستوطنات بما فيها تلك القائمة في القدس الشرقية المحتلة غير القانونية وغير الشرعية وفقا للقانون الدولي.
وطالبت الدول العربية ودول أميركا الجنوبية كافة الأطراف المعنية للاخذ في الاعتبار الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بشأن العواقب القانونية لبناء الجدار الفاصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وعدم قانونية وشرعية بناء المستوطنات.
إلى جانب ضرورة الافراج الفوري وغير المشروط لجميع الأسرى والمعتقلين السياسيين الفلسطينيين والعرب المحتجزين في السجون الاسرائيلية. وإدانة العدوان العسكري الاسرائيلي المفرط وغير المتكافئ ضد المدنيين في قطاع غزة. كما أدان وبشدة الهجمات العسكرية التابعة لوكالة الغوث الدولية في غزة والتي أدت إلى خسائر بين المدنيين.
ورحب الاجتماع بإعلان وقف إطلاق النار في القاهرة بناء على المبادرة المقدمة من جمهورية مصر العربية ودعوة جميع الأطراف المعنية إلى خلق البيئة المناسبة لاستمرار المفاوضات واستئناف المفاوضات الجادة والملزمة التي تهدف إلى انهاء الحصار على غزة بغية تحقيق حل الدولتين لتعيش فلسطين واسرائيل ضمن حدود آمنة معترف بها دوليا.
مكافحة الإرهاب
وأدان اجتماع الدول العربية ودول أميركا الجنوبية في بيان الرياض الارهاب بجميع أشكاله وصوره ورفض أي ربط بين الارهاب وأية أديان أو أعراق أو ثقافات بعينها واعادة تأكيد الالتزام بجهود الأمم المتحدة لمكافحة الارهاب وتجنب أي إمدادات بالأسلحة بشكل مباشر أو غير مباشر أو تقديم المشورة أو المساعدات الفنية إلى أفراد وكيانات متورطة في أعمال ارهابية وفقا لقرارات مجلس الأمن, كما أكد الاجتماع أهمية الالتزام بقرار مجلس الأمن 2170 بجميع أحكامه بما في ذلك الالتزام بمنع القيام على نحو مباشر أو غير مباشر بتوريد الأسلحة أو بيعها أو نقلها.
ورأى القائمون على الاجتماع بأهمية قرار القمة العربية الأخيرة باعتماد مبدأ إنشاء قوة عسكرية عربية وما تكلف به من مهام لمواجهة التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي بما فيها تهديدات التنظيمات الارهابية مع أخذ كامل الاعتبار ميثاق الأمم المتحدة والالتزامات وفق القانون الدولي بما في ذلك قانون حقوق الانسان والقانون الدولي للاجئين والقانون الدولي الانساني.
وأدان البيان جميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف العراق والتي يقترفها تنظيم داعش الارهابي والمنظمات الارهابية الأخرى وتورطها في عمليات القتل والتهجير القسري لمكونات الشعب العراقي واستهدافهم على أساس ديني أو عرقي.
حل سلمي للأزمة السورية
وأكد البيان – الذي حصلت "الرياض" على نسخة منه - التزام الدول العربية ودول أميركا الجنوبية بسيادة واستقلال سورية ووحدتها وسلامة أراضيها والالتزام بالتوصل إلى حل سلمي للأزمة في سورية.
ودعوة ايران إلى الرد الايجابي على مبادرة دولة الامارات العربية المتحدة للتوصل إلى حل سلمي لقضية جزر الامارات الثلاث, كما أكد البيان على الالتزام بوحدة وسيادة واستقلال وسلامة الأراضي اليمنية والتأكيد على الحاجة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 ومطالبة جميع الأحزاب الشرعية في اليمن إلى احترام القرارات المتبناة من قبل مؤتمر الحوار الوطني الشامل وفقا لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. كما أعرب البيان عن رفضه لأي خطوات أحادية وتدخلية ضد مبادئ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
أهداف محددة للتعاون الإقليمي
أما ما يخص جانب التعاون في المجالات القطاعية أكد البيان على أهمية تنفيذ خطط العمل المشتركة المرفقة في المجالات القطاعية وكذلك أهمية تفعيل عمل اللجان القطاعية المشتركة المنوط بها ترجمة ما صدر عن الاجتماعات الوزارية القطاعية من قرارات إلى مشاريع وبرامج مشتركة للتعاون, والدعوة إلى وضع أهداف محددة للتعاون الاقليمي الثنائي في المجالات ذات الأولوية القصوى, والتأكيد على أن تصبح الطاقة واحدة من محاور العلاقات الاقليمية الثنائية في السنوات المقبلة.
وأكد البيان أن الاستثمار هو أحد أعمدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويمثل آلية مهمة تسهم بشكل فاعل في خفض معدلات الفقر وعدم المساواة. والدعوة إلى تبني إجراءات اضافية لتسهيل وتكثيف نقل التكنولوجيا وتدفق الاستثمار والتبادل التجاري خاصة في مجالات الغذاء والصناعات الزراعية والطاقة والابتكار والبنية التحتية والسياحة وقطاع التصنيع وتكنولوجيا المعلومات.
08/11/2015
http://www.alriyadh.com/1098351