آمال أمريكا اللاتينية في النهوض رهن انتعاش البرازيل

الإثنين, 06 كانون2/يناير 2020 09:00


04/01/2020
بعد عام كئيب اندلعت فيه الاحتجاجات العنيفة في الدول الواقعة على امتداد جبال الأنديز، انحدر الاقتصاد الفنزويلي أكثر فأكثر إلى حالة من الفوضى، واستمرت الآثار البغيضة في المنطقة، بسبب انخفاض أسعار السلع الأساسية، لذا تعلق أمريكا اللاتينية آمالها على نهوض البرازيل في عام 2020.


يتوقع الاقتصاديون أن تحقق سياسات الرئيس جائير بولسونارو المؤيدة للأعمال أخيرا انتعاشا طال انتظاره في أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، ما سيعزز النمو بنحو 2.0 إلى 2.6 في المائة في 2020 من نحو 1 في المائة خلال العام المغادر، على الرغم من أنهم يعترفون بعدم تحقق توقعات متفائلة، مشابهة لتوقعات هذا العام، في الماضي.


ماريو مسكويتا، كبير الاقتصاديين في "إيتاو أونيبانكو" Itaú Unibanco أكبر مصرف في البلاد قال "البرازيل أفضل اقتصاد مهيأ الآن للاستمرار في النمو". وأضاف أن "أسعار الفائدة المنخفضة والإصلاحات المواتية للمستثمرين، والاستعداد المتزايد من جانب الشركات والمستهلكين للإنفاق، لا بد أن تساعد جميعها على تحقيق ذلك".


وحتى مع وجود نمو أقوى في البرازيل، من المتوقع توسع اقتصاد أمريكا اللاتينية بمعدل يراوح بين 1.2 و1.8 في المائة في العام المقبل، وهو معدل أبطأ من الأسواق الناشئة الأخرى، وأقل بكثير من متوسط معدل النمو في القارة خلال الأعوام العشرة الماضية.


سيكون الطلب الداخلي المتزايد هو المحرك الرئيس، إذ لا تزال الصادرات تعاني الركود بسبب الحرب التجارية العالمية، وانخفاض أسعار السلع الأساسية.


وليم جاكسون، كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة لدى "كابيتال إيكونوميكس" في لندن، قال "سواء كان معدل التوسع 1.2 في المائة أو 1.5 في المائة، فإن أداء المنطقة ككل سيظل سيئا للغاية. لا تزال المنطقة تكافح من أجل التعافي من صدمة أسعار السلع".
شعرت البرازيل بخيبة أمل هذا العام، لأن الشركات والمستهلكين كانوا ينتظرون أن تتحرك الحكومة الجديدة، إلا أن الركود أصاب الأرجنتين المجاورة، وهي سوق تصدير رئيسة للبرازيل.


لقد أدت التخفيضات المتكررة في أسعار الفائدة إلى دفع تكلفة الاقتراض في البرازيل إلى مستويات منخفضة، وقد طبقت حكومة بولسونارو إصلاحا تقاعديا مثل قرارا تاريخيا، عزز الثقة.


وقال جوستافورانجل، كبير الاقتصاديين في أمريكا اللاتينية لدى "آي. إن. جي" في نيويورك "ستكون هناك نقطة تحول يتخلى فيها الناس عن حذرهم ويستثمرون. هناك كثير من الحذر حول سؤال "هل سيستمر؟ من المتوقع أن يكون الانتعاش مستداما غير المعتاد سابقا".


الصورة أكثر عتمة في المكسيك، ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة. توقف النمو بعد أن تولى الرئيس الشعبوي اليساري أندريس مانويل لوبيز أوبرادور السلطة، متعهدا بتمزيق 40 عاما من سياسات السوق الحرة، التي قال "إنها فشلت في تحقيق الازدهار".


يتمثل حله في زيادة استثمارات الدولة في صناعة النفط وإبعاد القطاع الخاص، وصب الأموال في مشاريع البنية التحتية الكبرى في مناطق جنوب شرقي البلاد المهملة.


يتوقع معظم المحللين أن تنتعش المكسيك قليلا في العام المقبل، لتنمو بنحو 1 في المائة مع ارتفاع الإنفاق الحكومي، لكنهم يحذرون من أن لوبيز أوبرادور قد يصبح أكثر تطرفا إذا فشلت سياساته في تحقيق النمو الأسرع، الذي وعد به ليصبح مؤيدوه أكثر قلقا.
وعلق رانجل من "آي.إن.جي" قائلا "من المعتاد في أمريكا اللاتينية أنه عندما تثبت أن سياستك خاطئة، ألا تعيد النظر فيها، بل أن تضاعفها" على العكس.


أشار "سيتي بنك" في دراسة بحثية إلى أن "في المكسيك فجوة آخذة في الاتساع بين الشعور المحلي وتصور المستثمرين. ما زال غالبية المكسيكيين يحبون أميلو "لوبيز أوبرادور" ولديهم توقعات كبيرة منه. ومع ذلك، لا يزال القطاع الخاص المحلي يشعر بالقلق، كما يتضح من انخفاض الثقة والاستثمار الخامل".


اقتصاد تشيلي الذي كان أداؤه جيدا لمرة واحدة، يلقي بظلال قاتمة على المنطقة بعد شهرين من أعمال الشغب من المتظاهرين، للمطالبة بمزيد من الإنفاق الاجتماعي وتحقيق قدر أكبر من المساواة.


اهتزت الإكوادور وكولومبيا أيضا خلال المظاهرات التي جرت في الأشهر الأخيرة، ويشعر المستثمرون بالقلق من أن ضغوط الشوارع ستؤدي إلى وعود إنفاق لا يمكن تحملها، في الوقت الذي يكون فيه النمو ضعيفا والميزانيات الحكومية تحت ضغط شديد. ألبرتو راموس، كبير الاقتصاديين في أمريكا اللاتينية لدى "جولدمان ساكس" قال "خارج البرازيل، الصورة كئيبة للغاية. الأرقام من المكسيك ضعيفة للغاية، في تشيلي سيكافح الاقتصاد من أجل نمو بنسبة 1 في المائة، أما الأرجنتين فلا تزال علامة استفهام كبيرة جدا".


تشيلي التي من المتوقع أن تكون ضمن الاقتصادات الأسرع نموا في أمريكا اللاتينية هذا العام، هي الآن على شفير الركود.


وفقا لبيانات حديثة، تقلص الاقتصاد في الأسابيع الأولى من أعمال الشغب، أكثر من أي وقت مضى في الأعوام الـ20 الماضية، بما يشمل فترة آثار الزلزال الشديد في عام 2010.


تم خفض توقعات النمو للعام المقبل من أكثر من 3 في المائة إلى نحو 1 في المائة مع انسحاب المستثمرين، ويحاول الرئيس المحاصر سيباستيان بينيرا أن يخرج من هذه المتاعب، من خلال إنفاق المال على حزمة تحفيز بقيمة 5.5 مليار دولار، والوعد بوضع دستور جديد.


هناك أيضا شكوك حول الأرجنتين، حيث يتعين على الحكومة البيرونية الجديدة، إعادة التفاوض بشأن أكثر من مائة مليار دولار من الديون الخارجية، وانتشال الاقتصاد من الركود، وتلبية مطالب المؤيدين لرفع الأجور، ووضع ضوابط على الأسعار. تتنبأ معظم التوقعات بأن الركود في المنطقة سيتراجع في 2020، إلا أن النمو لن يعود إليها حتى العام الذي يليه.


في الطرف الآخر من جبال الأنديز، هناك مزيد من التفاؤل بشأن كولومبيا، على الرغم من موجة الاحتجاجات في الشوارع.


يتوقع معظم المراقبين أن تكون واحدة من أفضل الاقتصادات أداء في المنطقة العام المقبل، بنمو يراوح بين 3.0 و3.5 في المائة، بشكل مماثل للبيرو. الانهيار الاقتصادي في فنزويلا، حيث أدت الثورة الاشتراكية للرئيس نيكولا مادورو إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة الثلثين منذ عام 2016، من المتوقع أن يخف في العام المقبل، مع انخفاض الإنتاج بنسبة 10 في المائة فقط.


عموما، على الرغم من وجود نقص في التفاؤل، فإن وليم جاكسون، كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في "كابيتال إيكونوميكس" في لندن، يشبه أداء أمريكا اللاتينية بـ"بالمشي في حالة سكر، ولا يتطلب الأمر الكثير لأن يتعثر الشخص الثمل".

 


http://www.aleqt.com/2020/01/04/article_1739931.html

قراءة 569 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)