عمال النسيج في نيكاراغوا يعيشون حياة صعبة رغم تحقيقهم أرباح كبيرة لأصحاب الأعمال
الخميس, 07 كانون1/ديسمبر 2017 16:0407/12/2017
تستيقظ ماغدالينا ريوس الساعة الرابعة صباحا، وتحضر الإفطار لأطفالها الثلاثة وهم ما زالوا نائمين، وتغادر المنزل إلى العمل في مصنع نسيج كبير في ماناغوا عاصمة نيكاراغوا.
وعندما تعود أخيرا إلى المنزل في السابعة مساء، تسقط مغشيا عليها تقريبا من الإرهاق، بعد أن تكون قد حاكت المئات من أساور القمصان.
ماغدالينا ريوس ليس اسمها الحقيقي، لأن هذه المرأة (38 عاما) طلبت عدم الكشف عن هويتها خوفا من الانتقام إذا انتقدت علنا صاحب عملها.
وماجدالينا هى واحدة من أكثر من 100 ألف شخص يعملون فى 226 شركة – غالبيتهاالعظمى من شركات المنسوجات – في 52 منطقة صناعية يتم تشغيلها وفقا لنظام «المناطقة الحرة» الذي أطلقته نيكاراغوا عام 1990، والذي يقدم لأصحاب الأعمال حوافز ضريبية وقوانين عمل شديدة التساهل.
هذه الشركات، التى تمول في المقام الأول من رؤوس أموال كورية جنوبية وتايوانية وأمريكية، خلقت أيضا بشكل غير مباشر نحو 350 ألف وظيفة إضافية.
وتنتج المصانع المماثلة لمصنع ماغدالينا الملابس بناء على طلبيات العملاء، وكثير من هؤلاء العملاء من السلاسل الدولية الكبرى للأزياء. ويسمح وقوعها في المناطق الصناعية الحرة لهذه المصانع باستيراد الخامات دون دفع الجمارك ، وبالتالي خفض التكاليف، وزيادة تنافسية وأرباح الشركات
جدير بالذكر أن الملابس الرخيصة التي تتخطفها نساء الغرب من على أرفف المتاجر تصنعها نساء مثل ماغدالينا يعملن في الآلاف من المصانع -والمعروفة باسم «ماكيلادوراس» باللغة الإسبانية- في نيكاراغوا وهندوراس والسلفادور وغواتيمالا.
ويعمل نحو 390 ألف شخص في مناطق صناعية حرة في أمريكا الوسطى، وخاصة في صناعة النسيج، وفقا لبيانات قدمتها منظمة «المبادرة المسيحية روميرو» الألمانية غير الحكومية.
وتشكل الصادرات من هذه المناطق ما يقرب من نصف صادرات نيكاراغوا التي تصدر المنسوجات في المقام الأول إلى الولايات المتحدة.
وتقول ماغدالينا «أبدأ من الساعة السابعة صباحا وأنتهي الساعة 0515 مساء، وفي اليوم العادي، أنتج 200 سوار قميص، أما عندما يكون هناك الكثير من العمل أنتج ما يصل إلى 320 سوارا».
وخلال يوم عملها الذي يزيد على 10 ساعات، يسمح لماغدالينا باستراحة غداء مدتها 45 دقيقة، وبالذهاب إلى دورة المياه أربع مرات كل منها مدتها القصوى ثماني دقائق. وتقول «إذا بقيت لفترة أطول، يبدأ المشرف يطرق الباب ويصرخ».
وهناك 1500 موظف في المصنع، بينهم أكثر من 900 امرأة. ومعظم العاملين تقل أعمارهم عن 35 عاما.
أما الراتب الشهري فحوالي 160 دولارا، وتخصم منه مدفوعات الضمان الاجتماعي.
ولا يجري تعيين النساء الحوامل، لأن القانون سوف يجبر الشركة على منحهن إجازة وضع لمدة ثلاثة شهور مدفوعة الأجر. وتقول ماغدالينا «بعض الشركات في المناطق الصناعية الحرة تطلب نتائج اختبار الحمل».
وتسبب التعامل المستمر مع القطن الرقيق في إصابة ماغدالينا بحساسية وصعوبات في التنفس. كما أن الحركات المتكررة وهي تستعمل آلة الحياكة تسببت لها في التهاب الأوتار في إحدى يديها – ولكن ليس من السهل أن تذهب لزيارة طبيب. وتقول ماغدالينا «إذا تغيبنا (عن العمل) لأكثر من أربع ساعات من أجل استشارة طبية، فإنهم يخصمون أجر يوم كامل».
ونظرا لأن كل موظف يكرر المهمة نفسها فقط، فإن ماغدالينا لن تتعلم أبدا أي شيء أكثر من حياكة أساور القمصان. ويتولى آخرون قص الأكمام فقط أو حياكة الياقات أو الأزرار.
وبهذه الطريقة، لا يطور أي من الموظفين ما يكفي من الدراية لمغادرة المصنع وفتح شركة ولو حتى صغيرة أو فردية، خشية ان تتنافس معه.
وتقول ماغدالينا «نتمازح أنا وزملائي ونقول إننا سنبدأ نشاطا تجاريا ينتج فيه كل واحد منا جزءا من قميص. لكننا نمزح فقط، لأننا لا نملك المال لإطلاق مشروع».
ومنذ أن عاد دانيال أورتيغا رئيسا لنيكاراجوا في عام 2007، تجنبت النقابات العمالية المرتبطة بالحكومة الاشتباك مع أصحاب العمل من أجل دعم سياسات الحكومة فيما يتعلق بخلق الوظائف.
وأدت الشكاوى المتعلقة بسوء معاملة عمال المصانع في عام 2010 إلى إطلاق برنامج «معاملة أفضل» بدعم من «منظمة العمل الدولية» والولايات المتحدة.
ومع ذلك ، فإن البرنامج الذي يقدم التدريب في مجال الصحة وحقوق العمل يغطي فقط 37 ألف موظف في 26 شركة من شركات المناطق الصناعية الحرة.
وتقول ماغدالينا ريوس «أرغب في الحصول على وظيفة أخرى، ربما تكون تشغيل صالون تجميل أو تعلم الطبخ، ولكن مصنع النسيج لا يترك لنا أي وقت للدراسة والتدريب».
http://www.alquds.co.uk/?p=840030