تراجع عدد المسلمين ببلدان أمريكا اللاتينية

الإثنين, 24 أيلول/سبتمبر 2018 11:04

 


24/09/2018
يبدو أن العلاقات بين أمريكا اللاتينية والعالم العربي تلزمها المزيد من المجهودات، على الأقل على المستوى الديني إذ أن المؤشرات المستقبلية تظهر أن جهة أمريكا اللاتينية لن تعرف ارتفاعا في معدل المسلمين، بخلاف باقي بقاع العالم حيث سيعرف الاسلام اتساعا كبيرا من حيث عدد المعتنقين لهذه الديانة.


وقد أورد مركز بيو الأمريكي للدراسات أن عدد السكان ذوي الديانة الاسلامية لن ينمو بنفس الاطراد على غرار جهات أخرى من العالم، فقد أظهرت الدراسة أنه في العقدين المقبلين سيرتفع عدد السكان بأمريكا اللاتينية بـ 27 في المائة مقارنة بعام 2010، في حين أن عدد معتنقي الاسلام بالكاد سيصل لـ 13 في المائة.
وأوضح نفس البحث أن عدد السكان المسلمين سيعرف نموا ملحوظا على مستوى العالم ككل، بحلول النصف الأول من القرن الحالي: (179 في المائة بالولايات المتحدة الأمريكية، 63 في المائة بأوربا، 48 في المائة بآسيا) في حين أن أمريكا اللاتينية لن تسجل سوى 13 في المائة من النمو.


العديد من اللأسباب تقف وراء هذا التدني الملاحظ في عدد معتنقي الديانة الاسلامي في أمريكا اللاتينية، قد نذكر منها على سبيل المثال ضعف معدل الخصوبة لذى النساء اللاتينيات بالمقارنة مع النساء في الأوساط ذات الأغلبية المسلمة، حيث أن معدل الإنجاب في شمال إفريقيا والشرق الأوسط يصل إلى 6 أطفال مقابل 3 أطفال لذى المرأة اللاتينية.


من بين الأسباب الأخرى التي يعزى لها انخفاض معدل المسلمين بأمريكا اللاتينية مرتبطة بالمشاكل الاجتماعية التي يتخبط فيها عدد كبير من دول المنطقة، والتي ترجع بالأساس للوضعية الاقتصادية الهشة وانتشار الفساد في الوسط السياسي، وكل هذا يؤدي إلى ارتفاع البطالة وتراجع المستوى المعيشي للسكان، بالإضافة إلى انخفاض أو انعدام هجرة الجالية المسلمة نحو النصف الثاني من القارة الأمريكية، تلك الهجرة التي تكون بالأساس ذات دوافع اجتماعية اقتصادية.


هنا يمكننا أن نفسر معدل197 في المائة الذي سيرتفع به عدد الجالية المسلمة بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا، حسب تنبؤات مركز بيو الأمريكي للدراسات؛ إذ أن هذين البلدين يتوفران على مؤهلات اقتصادية هائلة من شأنها أن تتيح لزوارها من المسلمين فرصة تحقيق أحلامهم في الرفاهية والعيش الكريم وضمان مستقبل أولادهم.


بالإظافة إلى ذلك فالولايات المتحدة الأمريكية وكندا تعمل على تشجيع الهجرة من خلال فتح قرعة الهجرة العشوائية التي تنظمها منظمة البطاقة الخضراء الأمريكية، و التي تمنح 50 ألف تأشيرة في السنة للأشخاص من جميع أنحاء العالم.


وحسب المنظمة الاسلامية لأمريكا اللاتينية والكراييب، التي تتوفر على مقرها بالعاصمة الأرجنتينية بوينوس أيريس، فإن عدد المسلمين المتواجدين بها يصل حاليا لستة ملايين مسلم، معضمهم بالأرجنتين والبرازيل (700.000 و 1.500.000 مسلم على التوالي).


وجذير بالذكر أن الاسلام وصل إلى أمريكا اللاتينية منذ القرن 15 إبان اكتشار القارة من طرف الاسبان، حيث قام المستكشفور الإيبييون بجلب عدد كبير من العبيد ذوو الديانة المسلمة من شمال وغرب إفريقيا، حيث استقروا ببلدان البرازيل وفنزويلا وبعض الجزر الكاريبية، إلا أنهم لم يتمتعوا بحرية ممارسة معتقداتهم وتم إجبارهم على ترك طقوسهم الدينية، مما أدى إلى تقلص دائرة الإسلام أنذاك.


غير أنه في أواسط القرن 19 حلت بأمريكا اللاتينية جالية جديدة من المسلمين قادمة من فلسطين وسوريا ولبنان واستقرت ببلدان الأرجنتين والبرازيل وفنزويلا وكلومبيا، حيث اندمجوا داخل المجتمعات اللاتينية وصاروا يتمتعون بالترحيب والاحترام هناك، وهي الجالية التي صارت تتقلد مناصب مهمة على جميع الأصعدة في بلدان أمريكا حاليا.

 


عبد الناعيم سعيد
طالب جامعي باحث في العلاقات بين المغرب وأمريكا اللاتينية جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء

 

قراءة 742 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)