حال المسلمين في هايتي

الإثنين, 04 حزيران/يونيو 2018 11:45

03/06/2018
سلط مرصد الأزهر للغات الأجنبية، الضوء على أحوال الإسلام والمسلمين في جمهورية هايتي، باعتبارها إحدى دول البحر الكاريبي.

وقال المرصد، فى تقريره، إن جمهورية هايتي كانت مستعمرةً إسبانية حتى احتلتها فرنسا سنة 1626، واعترفت إسبانيا بهذا الاحتلال في سنة 1679، وفي عام 1804 أعلنت استقلالها، ورغم كونها واحدةً من أقدم الدول التي حصلت على الاستقلال الذاتي، فإنها تُعَدّ واحدةً من أفقر الدول في النصف الغربي من الكرة الأرضية، حيث عانت من عدم الاستقرار خلال معظم تاريخها، فلم تكن هناك جهود لبناء هذه الدولة؛ إذ تَوَلّى حكمَها 32 حاكمًا، خلال الفترة من 1844 حتى عام 1915.

وتَحُدّ هايتي من الغرب جزيرةُ "لا إسبانيولا"، ومن الشرق جمهورية الدومنيكان، وتفصلها في الغرب مياه البحر الكاريبي عن كوبا وجامايكا، وترجع تسميتها إلى علوّ جبالها ووقوع إحدى جبالها في البحر، وعاصمتها هي بويرتو برنسيبي Puerto Príncipe، ويبلغ عدد سكانها بحسب إحصائية عام 2016 أكثر من 11 مليون نسمة، وتبلغ مساحتها 27,750 كيلو مترًا.

وتعتنق الغالبية العظمى من السكان المسيحية، ولكن أكثر من ثلثي سكانها يمارسون ديانة "الفودو"، إضافة إلى نسبة قليلة من المسلمين، أغلبهم من المواطنين الأصليين، ويليهم أعداد من المغاربة، جميعهم من أهل السنة.

وليست هناك إحصائيات ثابتة عن عدد المسلمين في هايتي؛ حيث تشير دراسة أجراها مركز "بيو" الأمريكي للأبحاث حول السكان المسلمين في العالم خلال 2009؛ إلى أن هايتي بها ألفَا مسلم تقريبًا، ولكن القادة المسلمين يؤكدون أن العدد أكبر من ذلك بكثير، ويتزايد باستمرار، ووَفْقًا لمصادر رسمية حديثة؛ فإن عدد المسلمين الحقيقي في هايتي يقارب 5000.

وظهر الإسلام حديثًا في هايتي، فمنذ سنوات قليلة كان الوجود الإسلامي شبهَ معدوم، لكن يمكننا الآن أن نرى في شوارع المدن نساء يرتدين الحجاب على سبيل المثال، كما يوجد برنامج تلفزيوني هو "إسلام هايتي" "Haití Islam" مخصَّص فقط للحديث عن الإسلام، على محطة تيليماكس التلفزيونية TV Telemax .

وفي سنة 2000 بدأ تمثيل المسلمين في الحياة السياسية، وأصبح "ناوون مارسيلو" Nawoon Marcelo وهو مواطن من مدينة "سان رافائيل"، أول عضو مسلم منتخَب في مجلس النواب في هايتي.

ومنذ عام 2010، سجّلت هايتي نموًّا كبيرًا في عدد المسلمين، وتَزايَدَ الإقبال على دخول الإسلام، خاصّةً بعد كارثة الزلزال التي أودت بحياة 300 ألف شخص وتركت ملايين آخرين بلا مأوى، وشارك المسلمون خلال تلك الكارثة في مساعدة المحتاجين والمشردين بسبب الحادث، حيث شيّدت منظمة الإغاثة الإسلامية الأمريكية، بالتعاون مع المسلمين في هايتي، 200 ملجأ ومدرسة ثانوية تضم 20 فصلًا دراسيًّا.

وحينئذ قال الإمام المسلم "روبرت دوبوي" Robert Dupuy: "إنهم فتحوا المساجد لاستقبال الناس وإطعامهم دون تفرقة بين مسلم وغيره"، بينما قال "كيشنر بيلي" Kishner Billy، مالك محطة تيليماكس التلفزيونية: إنه يرى أن نموّ الجالية المسلمة يعود إلى رجوع بعضٍ من الهايتيين الذين اعتنقوا الإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية، مضيفًا: أنه اعتنق الإسلام قبل 26 عامًا.

جدير بالذكر؛ أنه في عام 2010 قامت سيدة تُدعى "دارلين ديروسييه" بتأسيس مسجد صغير بعد اعتناقها للإسلام، يحضر فيه للصلاة حوالي 60 مسلمًا يوميًّا، وقالت "ديروسييه": إن الحكومة الهايتية لا تعترف بالإسلام كدين رسمي، كما أنها لا تعترف بعقود الزواج الإسلامية، كما أكدت أن استخدام الحجاب يثير النظراتِ ويوجّه أصابع الاتهام إلى من ترتديه.

ووصلت أول موجة من المسلمين إلى جزيرة "لا إسبانيولا" La Española مع الاستعمار، عندما جُلب عددٌ ممن اتخذهم الإسبان عبيدًا، ورغم أن العديدين منهم اضطُرّوا إلى التخلي عن الإسلام مع مرور الوقت، فقد استمرت ثقافاتهم الأصلية إلى حَدٍّ ما، ويعتقد آخرون أن الإسلام في هايتي يعود إلى ما قبل استقلال البلاد في عام 1804، حيث يعتقدون أن الذي قاد الثورة التي أطاحت بالمستعمرين الفرنسيين كان في الواقع مسلمًا.

وفي العصر الحديث، وبالتحديد في النصف الأول من القرن العشرين، وصلت موجة من المهاجرين العرب إلى الأمريكتين، ويقال: إن أول من وصل إلى هايتي في عام 1920 كان رجلًا من قرية فاس المغربية، مع 19 عائلةً أخرى.

أما في الوقت الحاليّ؛ فمعظم المسلمين في البلاد من مواطني هايتي الأصليين يليهم المغاربة، وقد عانى المسلمون في بداية وصولهم من قلة الموارد المالية، إذ لم يتمكنوا من بناء مسجد أو مدرسة حتى عام 1985، عندما تمّ تحويل بيت سكني إلى مسجد وشُيّدت له مئذنة.

ووَفْقًا لتقرير وزارة الشئون الخارجية والعبادة في هايتي؛ فإن هناك ستة وثمانين مسجدًا، منها خمسة مساجد على الأقل في العاصمة "بويرتو برنسيبي"، ونحو خمسين مدرسةً قرآنية في جميع أنحاء الجمهورية، كما أن هناك 14 مركزًا إسلاميًّا؛ اثنان في العاصمة و12 مركزًا تنتشر في جميع أنحاء البلاد، و تجدر الإشارة إلى أن هذه المراكز بناها السكان الأصليون ممن اعتنقوا الإسلام.

ومن المؤسسات الإسلامية الهامة في هاييتي: المركز الإسلامي في بلدية كاب هايتيان Cap Haïtien- والذي يُشرِف على مسجد بلال بن رباح، ويُقَدِّم دوراتٍ في العلوم الإسلامية وأُسُس العبادات، وكذلك المركز الروحيّ "الله أكبر"، في العاصمة "بويرتو برنسيبي".

وفي بلدية "غوناييف" Gonaïvesتمّ الانتهاء حديثًا من مسجد المُنَوَّر Mezquita-ul-Munawwar، وبعد زلزال هايتي عام 2010 أنشأ طالب من ترينيداد يُدعى: "مفتي محمد شهيد"، المعهدَ الإسلامي "دار العلوم"، في منطقة ميراغوان Miragoane، والتي تخدم المسلمين في جميع أنحاء البلاد.

ويهدف المعهد إلى تعليم عقيدة الإسلام الصحيحة للمسلمين، وفي رمضان 2016 افتُتح مسجد "بوكمان بخارى"، بتكلفة بناء بلغت 130 ألف دولار، ويقع المسجد قُرْبَ الحدود مع جمهورية الدومينيكان، ويضم مدرسةً إسلامية تحمل اسم "أطفال الأمل"؛ حيث يَتَلَقّى أطفال المسلمين تعليمهم فيها.

ويرى "المرصد" أهمية توجيه البوصلة نحو المسلمين في دول أمريكا الجنوبية عمومًا، خاصّةً أن لديهم رغبةً قوية في نشر الإسلام الصحيح، إذا ما توافرت لديهم الأدوات والوسائل لتعليمهم.

كما يرى؛ أنه من الضروري التواصل مع المراكز الإسلامية في هذه الدول، وإمدادها بالكتب المترجَمة المُعَرِّفة بالإسلام وتعاليمه السمحة، والتواصل معهم بشكلٍ دائم؛ للتعرُّف عن قُرْبٍ على المشاكل والتحديات التي تواجههم، والمساهمة في إيجاد حلول لها.

وبالفعل، يقوم "مرصد الأزهر" برصد تلك التحديات والوقوف على أسبابها؛ ويأتي هذا التقرير استكمالًا لسلسلةٍ من التقارير التي تَصِفُ أحوال المسلمين في هذه القارّة عمومًا.
http://www.elbalad.news/3333575

قراءة 779 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)