فورين بوليسي: لبنان يحمي تجارة المخدرات لدى “حزب الله” في أمريكا اللاتينية

الثلاثاء, 19 حزيران/يونيو 2018 16:11

15/06/2018

بقلم: إيمانويل أوتولينغي
ترجمة: مركز الجسر للدراسات
بعد أيام من الإعلان عن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، قامت إدارة ترامب بفرض عقوبات على "حزب الله" كجزء من الحملة التي تشنُّها على طهران ووكلائها، لكن سياسة الولايات المتحدة تُجاه هذه الجماعة المسلحة لا تزال غير متماسكة. ففي الوقت الذي تقوم فيه باستعراض عضلاتها ضد "حزب الله" لا تزال تدعم مؤسسات الدولة اللبنانية التي يتغلل فيها الحزب أو يسيطر عليها بشكل كامل، وبالتالي تقوّض مساعي البيت الأبيض لكبح مصادر التمويل غير المشروعة للحزب.
إن هذا التناقض الذي يتخلّل السياسة الأمريكية واضح الآن في باراغواي، حيث تحاول السفارة اللبنانية هناك منع تسليم "نادر محمد فرحات" المشتبه به في تمويل حزب الله. في الوقت الذي يقوم فيه حزب الله بتعزيز ترسانته ومقاتليه في كل من لبنان وسوريا، قد أصبحت أمريكا اللاتينية مسرحاً لعمليات شبكاته الإجرامية التي تقوم بتمويل مقاتليه الموجودين في سوريا ولبنان.
تعتبر باراغواي مقر عمليات غسيل أموال بمبالغ طائلة مرتبطة بحزب الله عبر الحدود الثلاثية، حيث تتقاطع باراغواي مع الأرجنتين والبرازيل، ويتزايد عدد نشطائه المحليين الذين يقومون بتهريب الكوكائين، وهناك أدلة تثبت إرسال حزب الله لكبار مسؤوليه إلى الحدود الثلاثية لتنسيق هذه الأنشطة.
وأطلقت التحقيقات الفدرالية الأمريكية، بعد أكثر من عقد من إهمال الحدود الثلاثية في سياسة الولايات المتحدة، أطلقت عمليات تهدف إلى كشف الغطاء عن الأنشطة الإجرامية التي يقوم بها حزب الله وتدر مليارات الدولارات عليه. لم يكن مستغرَباً أن يقوم حزب الله بالرد من خلال نفوذه المحلي، لكن استخدامه للسفارة اللبنانية للقيام بذلك لم يكن متوقعاً، إذ تعتبر السفارة اللبنانية من الناحية التقنية ذراعاً لمؤسسات الدولة اللبنانية التي تسعى واشنطن لتعزيزها كقوة موازية لـ حزب الله.
في 17 أيار/ مايو الماضي، بينما كانت وزارة الخزانة الأمريكية تعلن عن عقوبات جديدة على حزب الله، دهمت سلطات الباراغواي محلاً لصرف العملات تحت اسم "يونيك إس أي"، يقع على جانب الباراغواي من الحدود الثلاثية وقامت بإلقاء القبض على "فرحات" صاحب محلّ الصرافة، وذلك لاشتباه قيامه بعملية غسيل أموال مخدرات تصل قيمتها إلى 1.3 مليون دولار. ويشتبه بأن فرحات عضو في مجموعة الشؤون التجارية، فرع منظمة الأمن الخارجي التابع لحزب الله، المسؤولة عن إدارة عمليات التمويل غير المشروعة وتهريب المخدرات في الخارج.
وبينما تسعى السلطات الأمريكية لتسليم فرحات، بسبب وضوح الأدلة التي تشير إلى أن أنشتطه في غسيل الأموال التي قد أثرت على النظام المالي الأمريكي، ترفض الحكومة اللبنانية ذلك. في 28 أيار/ مايو الماضي، قام "حسن حجازي" القائم بالإعمال اللبنانية في "أسونسيون" بتوجيه رسالة إلى المدعي العام في باراغواي يلمّح فيها إلى ضرورة رفض باراغواي طلب الولايات المتحدة بتسليم فرحات.
من حق حجازي الاعتناء بالمواطنين اللبنانيين من خلال تقديم خدمات قنصلية فقط والنأي عن الجرائم المالية، كما من واجبه التعاون مع المدعي العام وجعل المؤسسات اللبنانية رهن إشارته. إذ يُعتبر تدخله في العمليات القانونية للبلد المضيف انتهاكاً للبروتوكول الدبلوماسي من جهة، ودليلا على أن وزارة الخارجية في بيروت تعطي أولوية لمصالح حزب الله على حساب مصالح لبنان من جهة أخرى.
ولذا، ينبغي على واشنطن وباراغواي، ألا تدعا موضوعاً كهذا، يمر بهدوء. كما يجب على السلطات في "أسونسيون" إعلان حجازي شخصاً غير مرغوب فيه، وإرساله بشكل غير رسمي إلى لبنان. إن من شأن خطوة كهذه أن تكون واضحة إلى المسؤول عن حجازي.. وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، "يمكنك الحصول على معونة من الولايات المتحدة أو يمكنك تقديم عطاءات لحزب الله. لكنك لا تستطيع القيام بكليهما في الوقت نفسه وتفلت من العقاب".
ينبغي على الولايات المتحدة أن تقدم تطمينات إلى باراغواي بأن معاقبة المبعوث وتسليم الجاني هو المسار الصحيح للعمل. مخطط "فرحات" لتبييض الأموال هو قمة جبل الجليد الإجرامي لحزب الله في الحدود الثلاثية. فقد وجد المحققون الذين أغاروا على مكان عمل فرحات شيكات مؤجلة بملايين الدولارات، صادرة من الشركات بدون كتابة أسماء المستفيدين منها. بعض هذه الشركات، يستورد بضائع ذات علامة تجارية، الأمر الذي يدل أن محل الصرافة كان مقراً تجارياً للمخدرات وشبكة لغسيل الأموال. وللعمل بسهولة، يتواطؤ المهربون مع السلطات المحلية، التي نادرا ما تتحقق من السلع الواردة والصادرة عبر الحدود الثلاثية بشكل أسبوعي عبر مطار "غواراني" الدولي، وعبر طائرات الشحن القادمة من دبي إلى الولايات المتحدة.
يعتبر مطار غواراني الدولي بوابة للنشاطات التجارية غير المشروعة، والتي يمر الكثير منها عبر الولايات المتحدة. وهناك حالة مستمرة في ميامي، تم التحقيق فيها من قبل فرقة العمل المشتركة المعنية بالإرهاب التابعة لمكتب التحقيقات الفدرالي، تذكر على وجه التحديد رحلة أسبوعية من ميامي إلى "سيوداد دل إيستي غوارني" كقناة لنقل الإلكترونيات المقلدة. وفي العام الماضي سلمت باراغواي إلى ميامي مهرب مخدرات لبنانياً له صلات بحزب الله بعد أن ضبطته وهو يشحن الكوكايين عبر المطار نفسه. وعندما اعتقلوه، وجدت السلطات أنه كان يخطط لشحن 100 كيلوغرام من الكوكايين شهرياً إلى شركة تجارية في مدينة هيوستون عن طريق الشحن الجوي. وقد سلّطت الزيارات الأخيرة للسلطات الأمريكية إلى المطار الضوء فقط على أوجه القصور الصارخة في الضوابط المحلّية.
لقد كانت سلطات باراغواي متعاونة بخصوص هذا الملف، إلا أنها عُرضة للضغوط المحلية، الأمر الذي قد يؤدّي إلى تبرئة "فرحات" إذا ما تمّت محاكمته محلياً، هناك تاريخ من الفرص الضائعة لملاحقة حزب الله في باراغواي. في ديسمبر/كانون الأول الماضي، سمح نظام السجون المحلي لمهربَيْ مخدرات مشتبه بهما في حزب الله بالهرب خلال عملية نقل بين السجون. لم تتخذ "أسونسيون" أية خطوات لفرض عقوبات أمريكية على حزب الله كما لا يزال العديد منهم يعيشون ويتاجرون في الجانب الباراغواليّ من الحدود.
لا شك في أن واشنطن ستعمل مع الباراغواليّين لإحضار فرحات إلى العدالة، ونأمل بأن تقوم بتكثيف جهودها لتقويض خطط حزب الله الكبرى التي يحافظ بها على مصادر تمويله في الحدود الثلاثية. على واشنطن أن تدرك أن المؤسسات اللبنانية ليست قوى موازية لحزب الله، بل هي قوى تمكينِه.

http://jisrtv.com/
Lebanon Is Protecting Hezbollah’s Cocaine Trade in Latin America
http://foreignpolicy.com/2018/06/15/lebanon-is-protecting-hezbollahs-cocaine-and-cash-trade-in-latin-america/

قراءة 1000 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)