حوار مع ممثل مجلس المستشارين لدى برلمان أمريكا الوسطى

الجمعة, 18 أيار 2018 13:48

 

18/05/2018
حوار حصري: هكذا ساهم "أحمد الخريف" إلى جانب الفعاليات الوطنية في تحول المواقف البرلمانية بأمريكا اللاتينية..
اعتُبرت قارة أمريكا اللاتينية والوسطى خلال العقود الثلاث الماضية قلعة حصينة في وجه المملكة المغربية وتصورها لحل ملف الصحراء، بحكم العلاقات والتقارب الكبير في الأفكار اليسارية التي ربط جل دولها بجبهة البوليساريو، بيد ان الحاضر شهد ثورة دبلوماسية كبيرة جسدها المغرب من خلال تحركات شبيهة بخلية النحل، حجَّمت فعليا أطروحة الإنفصال.
وللإحاطة أكثر بملف أمريكا اللاتينية والوسطى وحرب تكسير العظام الدائرة رحاها بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، تستضيف اليوم "الصحراء اليومية" في حوار شيق أحد الإطارات الصحراوية التي ساهمت بالدور الفاعل في إذابة جليد التصور الأمريكي اللاتيني حول نزاع الصحراء، وأحد الجنود الذين نافحوا باستماتة عن الوحدة الترابية للمملكة؛ أمين مجلس المستشارين وممثله الدائم لدى برلمانات أمريكى الوسطى، أحمد لخريف.
الصحراء اليومية: نرحب بالسيد احمد لخريف ضيفا على منبر "الصحراء اليومية" ومتتبعي الشأن المحلي في الصحراء والمغرب بصفة عامة، ونفتتح وإياه حوارنا بالتساؤل عن تصوره حول منطقة أمريكا اللاتينية والوسطى، وكيف يرى التحرك الدبلوماسي المغربي فيها ؟
أحمد لخريف: أهلا بكم وبمتتبعي موقعكم المحترم، وبهذه المناسبة أود أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات للشعب المغربي قاطبة بمناسبة حلول شهر رمضان الأبرك، أهله الله علينا وعليكم بموفور الصحة والعافية.
وإجابة عن إستفهامكم، فقد شكلت منطقة أمريكا اللاتينية والوسطى لعقود مضت إحدى نقط ضعف الدبلوماسية البرلمانية والمغربية بشكل عام، كما يلاحظ المتتبع خلال الآونة الأخيرة حجم التحول في المواقف غير المسبوق لصالح الوحدة الترابية للمملكة المغربية بهذه المنطقة، وهي المواقف التي توجت مؤخرا بتثمين ومناصرة برلمانات الشيلي والبراغواي والبرازيل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، كأساس لحل سياسي متوافق عليه لهذا النزاع المفتعل والذي طال، أو بالأحرى تمت الإطالة في أمده بشكل مفضوح وغير مقبول.
الصحراء اليومية: طغت أطروحة الإنفصال بشكل كبير على مواقف دول بعينها في أمريكا اللاتينية، وعلى الرغم من التحول الحاصل في مواقفها الرسمية من "الجمهورية الصحراوية" إلا ان برلمانتها كانت مسرحا لعديد الأنشطة التي تعاطفت مع تلك الأطروحة، فهل بالإمكان تنوير المتتبع وبسط كرونولوجيا عامة حول العوامل التي ساهمت في تسييج مروجي تلك الأطروحة وإعادة الأمور لنصابها.
أحمد لخريف: معلوم أن اغلب الاعترافات بالجمهورية الوهمية بأمريكا اللاتينية كان خلال سنوات الثمانينات، أي في أوج المد اليساري الراديكالي بالمنطقة، وفي عز التحولات والتقلبات السياسة بأمريكا اللاتينية، والذي قابله جو من الانحسار والتدافع السياسي الحاد ببلادنا، ورغم سحب مجموعة من الدول اللاتينية لاعترافها بالجمهورية الوهمية خلال العقد الاخير، فقد ظلت برلمانات العديد من هذه البلدان فضاء لترويج ودعم الاطروحة الانفصالية، بل وحتى على مستوى مجلس الأمن، ظل ممثلو المنتظم الامريكو لاتيني سندا غير مفهوم لأعداء القضية الوطنية، بل وأعداء لإيجاد الحل السلمي لهذا النزاع المفتعل، خصوصا خلال فترة تمثيلها من طرف فنزويلا والاروغواي.
لكن الأكيد أن الدينامية والانفراج السياسي والحقوقي والمصالحة السياسية الوطنية، التي ميزت مسار الانتقال الديمقراطي وبناء المؤسسات ودولة الحق والقانون ببلادنا، وخصوصا بعد الزيارة الملكية لبعض بلدان أمريكا اللاتينية سنة 2004، كلها عوامل غيرت منظور وعلاقة المغرب بمنطقة أمريكا اللاتينية والكاراييب، وهو ما عكسه الموقف الايجابي لهذه المنطقة، خلال القرار الاممي الأخير إزاء ملف الصحراء المغربية، علما ان القارة ممثلة حاليا من طرف دولتي بوليفيا والبيرو.
الصحراء اليومية: البرلمان المغربي كان عنصرا فعالا في التأثير بمواقف دول أمريكية لاتينية، حبذا لو تسرد لمتتبع "الصحراء اليومية" كرونولوجيا توضح استراتيجيتكم المتبعة في ذلك وأهم ما حققتموه للترافع عن الوحدة الترابية للمملكة؟
أحمد لخريف: لقد عمل البرلمان المغربي بدينامية من خلال دبلوماسية برلمانية طموحة، تهدف إلى ترسيخ علاقات سياسية بناءة وتعزيز التقارب مع ممثلي شعوب هذه المنطقة ومؤسساتها التمثيلية، وهكذا وقع البرلمان المغربي اتفاقية إطار للتعاون مع منتدى رؤساء برلمانات أمريكا الوسطى والكاريبي (فوبريل) في أكتوبر 2014، ثم اتفاقية انضمامه كعضو ملاحظ دائم لدى برلمان أمريكا الوسطى في يونيو 2015، ليتوج هذا المسار نهاية شهر أبريل الماضي بتوقيع اتفاقية انضمام البرلمان المغربي كعضو ملاحظ لدى برلمان أمريكا اللاتينية والكاراييب ( برلاتينو)، كأقدم وأهم تجمع برلماني بالمنطقة ككل.
وإن كان الوقت لا يتيح إستحضار العديد من الإنجازات، فإن أهم المكتسبات التي راكمها البرلمان المغربي بهذه المنطقة في السنوات الأخيرة؛ التذكير بالمواقف الغير مسبوقة بخصوص قضيتنا الوطنية التي جسدها إعلان العيون في اجتماع مكتب مجلس المستشارين مع المكتب التنفيذي لبرلمان أمريكا الوسطى (البرلاسين) في يوليوز 2016، وكذا المواقف التي عبر عنها أعضاء منتدى رئيسات ورؤساء المجالس التشريعية بأمريكا الوسطى ( الفوبريل) في الاجتماعين الذين استضافهما البرلمان المغربي بمجلسيه ستني 2016 و2017، إضافة إلى طرد ممثل جمهورية الوهم بجمهورية بنما بحضور ممثل مجلس المستشارين الدائم لدى البرلاسين، وكذا التصريحات القوية لصالح بلادنا التي تضمنتها كلمتا كل من رئيس برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب "الياس كاستيو" ورئيس برلمان دول الأنديز السيد " فرناندو ميزا" خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي والبرلماني العربي الإفريقي الذي نظمه مجلس المستشارين نهاية شهر أبريل المنصرم، هذا كله دون إغفال المواقف الغير مسبوقة التي أصدرها البرلمان الشيلي بمجلسيه في يناير 2018 وكذا البرلمانان البرغوياني والبرازيلي بداية شهر ماي الحالي، وهي المواقف التي ثمنت ودعمت بل وناصرت المقترح المغربي للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية، كأساس جدي وذي مصداقية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
الصحراء اليومية: ما هو الدور الذي لعبه مجلس المستشارين في الاقتحام غير المسبوق لهذه المنطقة بالذات سعيا للذود عن حوزة الوطن، وإن علمنا انه عانى في فترة من الفترات من مجموعة من الإكراهات السياسية التي عاشت على وقعها بلادنا إبان تشكيل الحكومة.
احمد لخريف: لعب مجلس المستشارين دورا فعالا في الذود عن الوحدة الترابية للمملكة على الرغم من وجود جملة من المعيقات، خصوصا في الفترة التي تعذر وتأخر استكمال انتخاب أجهزة وهياكل مجلس النواب بعد تعثر مسار تشكيل الحكومة، رغم التنسيق المكثف الذي ميز العمل الدبلوماسي لمجلسي البرلمان المغربي لتجاوز هذا التأخر، بيد أنه ومباشرة بعد انتخاب أجهزته أواخر سنة 2015 قام بتعيين كاتب الدولة السابق في الخارجية، المستشار احمد الخريف ممثلا دائما للمجلس لدى برلمان أمريكا الوسطى، وبعد شهور من حضور الجلسات العامة لهذه الهيئة البرلمانية، استضاف بمدينة العيون اجتماعا للمكتب التنفيذي للبرلاسين، وهي المحطة التي توجت بإعلان العيون الذي أكد على دعم برلمانات أمريكا الوسطى للوحدة الترابية للملكة المغربية ودعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وهو موقف غير مسبوق خصوصا إن علمنا أن ثلاث دول من بين 6 المشكلة للبرلاسين هي دول لازالت تعترف بالجمهورية الوهمية.
مجلس المستشارين برئاسة حكيم بن شماس يسترسل أحمد لخريف، قام بزيارتين للشيلي في يناير ويوليوز 2017 تم خلالها التوقيع على مذكرتين للتفاهم والتعاون البرلمانيين، ليصدر البرلمان الشيلي بمجلسيه في يناير 2018 قرارا او ملتمسا يطالب الحكومة الشيلية بدعم المبادرة المغربية، وهو ايضا قرار وتحول لا يمكن استيعاب حجمه دون قراءة المواقف السابقة للبرلمان الشيلي، الذي دأب لما يقارب عقدين من الزمن على رفع ملتمس للاعتراف بجمهورية الوهم.
قرار البرلمان البرازيلي أيضا جاء بعد فترة وجيزة قام بها الخليفة الأول لرئيس مجلس المستشارين السيد عبد الصمد قيوح، وكذلك البرلمان البراغوياني فقد قامت وفود عديدة عنه بزيارة للمغرب خلال السنتين الأخيرتين بدعوة من مجلسي البرلمان المغربي.
الصحراء اليومية: ما هي في نظركم المرتكزات والآليات التي اعتمدها مجلس المستشارين والبرلمان المغربي منصة للترافع حول القضايا العادلة لبلادنا، بعدما شكلت القارتان ولعقود فضاء يمكن تسميته بالسهل والمريح لخصوم المغرب؟
أحمد لخريف: فيما يتعلق بالمرتكزات والآليات التي اعتمدها البرلمان المغربي ومجلس المستشارين، فجدير بالتذكير بمذكرات التفاهم التي وقعها البرلمان المغربي مع برلمانات أمريكا اللاتينية، وهي الاتفاقيات التي نقلت العلاقات البرلمانية من مستوى الدبلوماسية الكلاسيكية المعتمدة على تبادل الزيارات والمباحثات على أهميتها إلى علاقات مؤسسة ومؤسساتية بمقتضى مذكرات للتفاهم والتعاون، حيث وقع مجلس المستشارين اتفاقيات ومذكرات مع مجلس الشيوخ الأرجنتيني، ونظيره البرازيلي، إضافة إلى مذكرتي تفاهم مع مجلسي البرلمان الشيلي، وعلى المستوى الجهوي والقاري وقع البرلمان المغربي بمجلسيه اتفاقيات انضمام لبرلمان أمريكا الوسطى والفوبريل وبرلمان أمريكا اللاتينية والكاراييب، ليكون بذلك قد وسع تموقعه داخل أهم التجمعات الجهوية والقارية بامريكا اللاتينية والكاراييب.
العنصر الأساسي الثاني الذي أسسنا عليه يعود للتعريف بخلفيات الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية، وكل المستجدات والخلفيات التي يعرفها الملف، وبطبيعة الحال ضحد كل المغالطات والأطروحات التي يزرعها الانفصاليون تحت الرعاية الجزائرية بالمنطقة، إضافة إلى بسط أهم الإصلاحات السياسية والدستورية والمسار التنموي ببلادنا، وهو ما عكسته الزيارات الغير مسبوقة للوفود البرلمانية اللاتينية للأقاليم الجنوبية، وخصوصا مدينة العيون، حيث تجدر الإشارة هنا إلى التنسيق التام والكبير بين المسؤولين عن تدبير مجلس المستشارين مع المجالس المنتخبة بالأقاليم الجنوبية وخصوصا بالعيون، ولا شك أن المتتبعين قد لاحظوا الدور الكبير الذي قامت به المجالس المنتخبة بهذه المنطقة خلال استقبال الوفود اللاتينية، وهو ما غير كثيرا من نظرة العديد من هؤلاء البرلمانيين إزاء حقيقة النزاع المفتعل وإزاء الوضع التنموي والسياسي بالمنطقة ككل.
مرتكز أساسي آخر لا يمكن إغفاله، هو الاعتماد على الترويج الكبير والتعريف بالمسار الديمقراطي ببلادنا خصوصا المرتبط بالمصالحة السياسية وعمل هيئة الإنصاف والمصالحة، التي جعلت من بلادنا نموذجا متفردا في مجال العدالة الانتقالية بمحيطه الاقليمي والجهوي.
الصحراء اليومية: نتائج عملكم الدبلوماسي المؤسساتي والذي تبصمون عليه ضمن منظومة البرلمان ومجلس البرلمان لا يمكن تجاوزه، فقد بنت قاعدة علاقات متينة مع هذه الدول في إنتظار أخرى، فهل سنرى على المدى القريب والمتوسط حصادا آخر لمنجزات وطنية تميط اللثام عن وهم أطروحة الإنفصال؟
أحمد الخريف: لقد أسسنا كمنظومة لعلاقات تعاون تشمل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وكل الميادين ذات الاهتمام المشترك مع بلدان أمريكا الوسطى والكاراييب، علاقات قوامها خدمة المصالح المشتركة للشعوب، بما يتضمنه من احترام لسيادة الدول ووحدتها الترابية، وهي المعطيات والتحولات التي تؤكد أن أمريكا اللاتينية ستُطلق خلال السنوات القليلة القادمة رصاصة الرحمة لمروجي الوهم ومن يقف ورائهم أو يدور في فلكهم، على غرار ما يقع حاليا بالقارة الإفريقية بعد العودة لمنظمة الإتحاد الإفريقي.

المصدر 

http://www.saharadiario.com/m/news20855.html

قراءة 808 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)