تاريخ الفكر التحرري بأمريكا اللاتينية

الخميس, 25 كانون2/يناير 2018 15:09

24/01/2018
ألقى أحمد حرزني، سفير متجول لصاحب الجلالة، مساء أمس الأربعاء بأكاديمية المملكة المغربية بالرباط محاضرة عن “إسهامات أمريكا اللاتينية في الفكر التحرري العالمي” استعرض فيها تاريخ هذا الفكر في أمريكا اللاتينية وأبرز منظريه.
وسجل المحاضر أن تحرير البلدان الأمريكية بدأ ما بين عامي 1814 و 1825 حيث كان النضال من أجل الاستقلال ، من وجهة نظر قادته آنذاك ، صراعا أيضا من أجل الوحدة القارية غير أن الاستقلال تحقق فيما حلم الوحدة ظل معلقا بل لقد تبين لاحقا أن الاستقلال نفسه كان نسبيا نوعا ما.
وبهذا الخصوص يقول حرزني “عقيدة مونرو، التي تبلورت في وقت مبكر من عام 1823، وضعت أمريكا اللاتينية في الواقع تحت حماية الولايات المتحدة، والتي أصبحت بالتالي مثالا يحتذى به” ولذلك “قفي ظل هذه الحماية، ازدهرت فئة من كومبرادوريس (البورجوازية المحلية) محمية من قبل قلة محظوظة تمكنت من البقاء على قيد الحياة رغم العديد من محاولات تمرد المزارعين، حتى جاءت الأزمة العالمية وليس فقط الأمريكية عام 1929 لزعزعة هذا الهيكل القديم “.
وأضاف المتدخل أن برجوازية أكثر نشاطا ظهرت على الساحة واطلقت عملية تحديث معينة، غير أن “مصالح الجهات الفاعلة المختلفة كانت متباينة جدا بحيث كانت في نهاية المطاف، تفرض الأنظمة الاستبدادية التي تتحدى فقط التيارات الشعبوية التي لم تكن في الأساس أقل سلطوية”، وفي ظل هذا الوضع كانت الظروف مواتية لبروز موجة ثانية من التحرر.
وتوقف احرزني في هذا الصدد عند مساهمات المثقفين في هذه الموجة الجديدة ومنهم على الخصوص خوسيه مارتي، “الذي يسلط عمله الضوء على جميع مساهمات الموجة الثانية من التحرر “.
ومن أشهر هذه المساهمات، حسب المحاضر، نظرية التبعية والتي وإن لم تكن بالضرورة حصرا على أمريكا اللاتينية، فإنها بدأت فعلا مع أمريكيين لاتينيين بمن فيهم راؤول بريبيش وفريقه بلجنة الأمم المتحدة لأمريكا اللاتينية.
وفي ظل سياسات التصنيع القليلة التي تم تنفيذها في بلدان أمريكا اللاتينية بعد أزمة 1929، فإنه بدل أن يتم تقليص الفقر والتخلف، فإنهما تعمقا وأصبحا أكثر شراسة وهو ما وجد تفسيره في نظرية “المبادلات غير المتكافئة بين البلدان المتقدمة والبلدان المتخلفة”.
ومع أن هذه النظرية قابلة للنقاش في نسخها المختلفة، إلا أن صيغتها البسيطة تمثل،حسب السيد احرزني ، “قطيعة رائعة” للعالم الثالث في مجال النظرية الاجتماعية التي كانت محجوزة سابقا لأوروبا وأمريكا الشمالية.
بالنسبة لحرزني فإن النقص النظري، وصل إلى أقصى درجاته، في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن الماضي، عندما كانت جميع بلدان شبه القارة تقريبا، تحت حكم ديكتاتوريات عسكرية وهي مرحلة مظلمة “أعقبها ربيع يعرف باسم التحول الديموقراطي”. وهذا التحول وبالرغم من عدم اكتماله إلا أنه اثمر على الأقل، عن انعكاسات نظرية من “مستوى راق ورفيع”.
ورأى احرزني أن الأغنى والأكثر إثارة من بين هذه الانعكاسات، كانت على الأرجح، تلك التي تحققت بقيادة “غيليرمو أودونيل”، وهي ما عرف ب”الاستبداد البيروقراطي”.
بعد ذلك، ركز أحمد حرزني، على ما اعتبره “تيار الفكر الذي يريد نوعا من التوليف بين جميع مكونات الموجة الثانية من التحرر والتي أعطته تعبيرا ومعنى فلسفيا” ويتعلق الأمر بفلسفة، (وبشكل ما بلاهوت) التحرر.
وفلسفة التحرر، كما قال حرزني، تبدأ من الانتفاضة ضد نظام الهيمنة العالمي، الذي تعده شموليا، على اعتبار أنه يبني كل أفكاره على الغرب، وعلى أساس أنه يستمد فلسفته من الفكر اليوناني القديم.
ويتعلق الأمر في النهاية، يقول ضيف أكاديمية المملكة ، ببناء مشروع حضاري بديل يستلهم وجوده من مساهمات جميع ثقافات الفقراء الحاليين، ولكن دون أن يرفض بالضرورة جميع مساهمات ثقافات ما بعد الحداثة أو الحديثة أو ما قبل الحداثة. وهو ما يسميه “دوسل” بالتحول إلى الحداثة.
وعرج أحمد حرزني في ختام محاضرته وبأسف، إلى ما أسماه “نقطة ميتة” في فكر أمريكا اللاتينية المعاصر والتي تتعلق بثقافات أمريكا اللاتينية قبل الغزو ليقول “صحيح أن هذا الغزو كان، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، جد مستأصل، لدرجة أنه لم يعد هناك دليل يذكر عن وجود هذه الثقافات. ومع ذلك، يشير هذا القليل إلى أن إسهامها سيكون عونا كبيرا في هذه الأوقات من الفوضى، وخاصة في مواجهة الأضرار التي لحقت ببيئة الأرض”.
وتندرج هذه المحاضرة في إطار سلسلة الندوات العلمية التحضيرية للدورة السنوية 45، للأكاديمية والمقرر انعقادها من 24 الى 26 ابريل 2018 حول موضوع “أمريكا اللاتينية أفقا للتفكير”.
وعن اختيار هذا الموضوع قال السيد عبد الجليل الحجمري أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية في كلمة تمهيدية إنه اختيار يجد أساسه في توجه الأكاديمية نحو إرساء جسور مع مناطق أخرى من العالم و التشجيع على تعاطي الجامعيين والمفكرين المغاربة مع الإشكاليات الكبرى لهذه المناطق .
وأضاف بهذا الخصوص أن الهدف من هذه المحاضرة هو الاطلاع على تجارب بلدان أمريكا اللاتينية في مجالات السياسة والاقتصاد والتربية.
https://hadatcom.com/?p=33320

قراءة 1188 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)