شبح الشعبوية يخيّم على أمريكا اللاتينية...!

الأربعاء, 06 كانون1/ديسمبر 2017 09:34

06/12/2017

البرازيل والمكسيك وتشيلي ... تغرق أمريكا اللاتينية في ماراثون انتخابي سيستمر حتى نهاية عام 2018. والخطاب المناهض للنظام، يمينا أو يسارا، يتقدم في كل مكان تقريبا، مما يثير استياء المستثمرين ومخاوفهم.لولا أو أملو؟ هل بإمكان هذين المحاربين القديمين من اليسار الأمريكي اللاتيني تحقيق المفاجأة في الانتخابات الرئاسية العام المقبل في البرازيل والمكسيك، على التوالي؟

حسم المباراة لا يزال بعيدا قبل ستة أشهر من الانتخابات، ولكن العمدة السابق لمكسيكو سيتي اندريس مانويل لوبيز أوبرادور المعروف باسم “ أملو “، والرئيس البرازيلي السابق يتصدران استطلاعات الرأي. إمكانية انتصار أملو في محاولته الثالثة أو العودة إلى السلطة بالنسبة للولا، رغم إدانته بالسجن تسعة سنوات ونصف بتهمة الفساد، توضح قوة الحركة المناهضة للاستبلشمنت التي تخترق معظم القارة جراء الفساد والعنف والشعور العام بالإحباط بين السكان الذي يغذي رفض الطبقة السياسية التقليدية.

البرازيل والمكسيك هما إلى حد بعيد أكبر اقتصادين في المنطقة، إلا أن ما يقارب ثلثي الناخبين في أمريكا اللاتينية سيدعون إلى صناديق الاقتراع بنهاية العام المقبل. ومن المنتظر اجراء ما يفوق العشر انتخابات في المنطقة خلال الاثني عشر شهرا المقبلة في اعقاب الانتخابات الرئاسية التي جرت في شيلي الاحد الماضي، والانتخابات البرلمانية التي جرت في اكتوبر في الارجنتين.

في الحالة الأولى، فاز الرئيس الليبرالي السابق سيباستيان بينيرا على مرشح الرئيسة المنتهية ولايتها الاشتراكية ميشيل باشيليه بنسبة 37 بالمائة من الأصوات، لكن الأهم ان اثنين من المنافسين الآخرين من خارج الطيف السياسي التقليدي حققا المفاجأة: بياتريس سانشيز، رئيسة حزب يساري جديد (الجبهة العريضة، بما يقارب 20 بالمائة من الأصوات)، وخوسيه أنطونيو كاست، الذي تقدم على انه الوريث السياسي للدكتاتور السابق بينوشيه (8 بالمائة). ومعركة الجولة الثانية في 17 ديسمبر تبدو حامية الوطيس أكثر مما كان متوقعا.

الأرجنتين، حالة منفصلة
في الأرجنتين، وعلى العكس من ذلك، الرئيس موريسيو ماكري، الذي تمكن من ازاحة السلالة البيرونية من السلطة قبل عامين، عزز سلطته، وهذا يمثل استثناء لأن قادة أمريكا اللاتينية الآخرين لا يحظون بشعبية كبيرة، بدء بميشيل تيمر، وهو من أبرز شخصيات الاستبلشمنت البرازيلي، وصل إلى السلطة بعد عزل ديلما روسيف. وعلى الرغم من الإصلاحات التي قام بها، والتحسن الاقتصادي الكبير خلال العام الماضي، فإن صورته لا تزال مرتبطة إلى حد كبير بحالات الفساد المتعددة التي كان لها أثر مدمر على الطبقة السياسية التقليدية برمتها يسارا ويمينا. وقبل عام من الانتخابات الرئاسية، يبقى التشويق قائما.

في الوقت الراهن، يقود لولا السّباق بحوالي 35 بالمائة من نوايا التصويت. ورغم مشاكله مع القضاء والعدالة، تمكن الرئيس السابق من الحفاظ على شعبيته لدى جزء كبير من الناخبين اليساريين والفقراء الذين تحسنت ظروفهم المعيشية خلال فترتي رئاسته 2003 - 2010. غير أن مشاركته في انتخابات أكتوبر غير مؤكدة: فقد أدين ابتدائيا لحصوله على امتيازات عينية من الشركات الفاسدة، وستعلن محكمة الاستئناف حكمها في قضية الفساد في الأشهر المقبلة.

وإذا ثبتت إدانة لولا مرة أخرى، فإنه سيصبح غير مؤهل، ويمكن أن يطالب العديد من خصومه بإلقائه في السجن. وهذا يعني حالة اضطراب سياسي-قضائي حقيقي في الافق. من ناحية أخرى، إذا تمت تبرئته، فإن ترشّحه سيستفيد من قوة دفع جديدة.

لقد أدى السقوط الأخلاقي للطبقة السياسية التقليدية في البرازيل أيضا الى صعود اليمين المتطرف. وفي أعقاب إقالة ديلما روسيف، والبحث اليائس عن الرجل المعجزة الذي سيشفي النظام السياسي الفاسد من علله، وبطريقة غير منتظرة، أغوى خطاب جايرو بولسونارو شريحة متزايدة من الناخبين، بوأته حاليا المرتبة الثانية في استطلاعات الراي (بحوالي 15 بالمائة من نوايا التصويت). ولكن بحلول انتخابات أكتوبر، يمكن أن تظهر ترشحات أخرى خارجة عن النظام مثل لوتشيانو هوك، وهو مقدم منوعات شهير على التلفزيون البرازيلي، والذي يموّل، إلى جانب رجال أعمال بارزين، منهم أبيليو دينيز، صندوق “التجديد السياسي” يهدف إلى تشكيل أطر سياسية جديدة استعدادا لانتخابات العام القادم.

في المكسيك، هناك أيضا خيبة أمل ويسيطر القلق. خيبة أمل تجاه حكومة عاجزة على مكافحة العنف والفساد. بالتأكيد، وضعت السلطة التنفيذية إصلاحات هيكلية طموحة، من خلال فتح سوق النفط والاتصالات، لكنها فشلت في ترفيع نسق النمو الى ما فوق 2 بالمائة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن القلق الرئيسي لأوساط المال والأعمال يقوم على مستقبل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية نافتا، التي يضغط دونالد ترامب من اجل إعادة التفاوض بشأنها. وفي حالة الفشل، يمكن للخطاب القومي لأملو أن يجد صدى كبيرا لدى الجماهير المكسيكية.

في الاثناء، المستثمرون على صفيح ساخن: ان المكسيك أكثر بلدان المنطقة اثارة للقلق والشكوك، أوضحت مؤخرا بليز انتين، من صندوق الاستثمار الكاليفورني. إن جميع الذين يستثمرون في المكسيك حاليا يشعرون بالقلق إزاء تطور المفاوضات بشأن مستقبل اتفاقية النافتا ونتائج انتخابات الرئاسة في يوليو. الخلاصة، في المكسيك، كما هو الحال في العديد من دول أمريكا اللاتينية الأخرى، فان المرشحين الإصلاحيين في وضع مزعج وحرج .
http://alfajr-news.net

قراءة 819 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)