بلدان أمريكا اللاتينية في مواجهة ظاهرة العنف ضد المرأة

الإثنين, 01 تشرين1/أكتوير 2018 13:42

25/09/2018


من بين الظواهر التي تميز بلدان أمريكا اللاتينية وتستأثر باهتمام الرأي العام الدولي، نذكر الارتفاع الرهيب في معدل قتل النساء بهذه المنطقة من العالم، ما دفع المجتمع اللاتيني لتوحيد صفوفه لمواجهة هذه الظاهرة.


لقد رسم التقرير الذي أنجزته منظمة الأمم المتحدة لسنة 2017 حول ظاهرة قتل النساء بأمريكا اللاتينية، صورة قاتمة بفعل الأرقام المثيرة للقلق حول ارتفاع الظاهرة في المجتمع اللاتيني ككل. حيث يظهر التقرير أن جهة أمريكا اللاتينية والكراييب تعتبر المنطقة الأولى في العالم من حيث ارتفاع ظاهرة العنف ضد النساء.


كما يشير تقرير مشترك للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، المعروفة اختصارا ب"سيبال"، ومنظمة العفو الدولية إلى وفاة ما معدله 12 امرأة في اليوم لأسباب عنصرية بالأساس، وهي أرقام تعتبرها منظمة الأمم المتحدة غير معقولة.


وفي نفس السياق، أوضح مرصد أمريكا اللاتينية والكراييب للمساواة بين الجنسين أرقاما تم إحصاؤها سنة 2016، والتي تؤكد وفاة ما مجموعه 1.998 امرأة في مجموع الدول اللاتينية، وقد جاءت على رأس تلك الدول كل من الهندوراس و السالفادور على التوالي باعتبارها البلدان التي تعرف أكبر عدد من الوفيات في صفوف النساء طوال العام بمعدل 10.2 و 11.2 ضحية من كل 100.000 امرأة.


البرازيل باعتباره أحد أبرز البلدان اللاتينية اقتصاديا، وعلى الرغم من التشديد من عقوبة العنف ضد المرأة، لم يكن أفضل حال من جيرانه، حيث تشير الأرقام التي أنجزها معهد "داتافولها" البرازيلي إلى أن 29 في المئة من البرازيليات يعترفن بتعرضهن للعنف سواء كان جسديا أو لفظيا أو سيكولوجيا، خلال عام 2016.


وجدير بالذكر أنه إلى حدود سنة 2013، 24 دولة فقط من مجموع الدول اللاتينية والكراييب الثلاث والثلاثين هي التي كانت تتوفر على قوانين زجرية لظاهرة العنف ضد النساء، فيما كانت تمضي الظاهرة بدون عقاب في باقي الدول. غير أنه وبحلول سنة 2016 ارتفع عدد الدول التي تفرض قوانين لحماية المرأة إلى 31 دولة أي بنسبة 94 في المئة. البلدان اللاتينيان الوحيدان اللذان لا يتوفران على قوانين مصادق عليها بشكل رسمي، تحمي المرأة من التعنيف هما ترينيداد وتوباغو وسانتا لوثيا الكاريبيتين.


هذه النسبة الإيجابية تعكس مستوى الوعي الذي وصل إليه المجتمع اللاتيني ككل حيال هذه الظاهرة، حيث قامت هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين والبرنامج الأممي للتنمية بإنجاز دراسة ما بين سنة 2014 و2015، تشمل كل بلدان أمريكا اللاتينية والكراييب للوقوف على مدى استعداد دول المنطقة للتصدي لظاهرة تعنيف المرأة. حيث تم استعراض برامج العمل والقوانين الزجرية التي تتخدها هذه الدول لمواجهة الظاهرة.


وقد قامت دول أمريكا اللاتينية والكراييب بإنشاء آليات مؤسساتية لمناهضة العنف ضد النساء، بل أنها تتلقى الدعم من اللجان والمجالس الحكومية في بعض البلدان على غرار جامايكا، التي وضعت برنامجا بعيد المدى للقضاء على ظاهرة تعنيف المرأة في أفق 2025. إضافة إلى بلدان أخرى نذكر منها الأرجنتين والبرازيل والشيلي وكولومبيا والمكسيك وفنزويلا، بيد أن هذا الدعم الحكومي لا يشمل كل البلدان اللاتينية.


وتعزو الأمم المتحدة حسب نفس التقرير هذا الارتفاع الرهيب في عدد النساء ضحايا التعنيف للعديد من العوامل، منها تقاعس الفاعلين السياسيين في التعامل مع حالات العنف والتمييز ضد النساء، حيث ذكرنا من قبل أنه إلى حدود سنة 2013، تسع دول بأكملها لم تكن تتوفر على قوانين مصادق عليها بشكل رسمي، لزجر الجرائم التي تقع ضحيتها النساء، مما أذى بالطبع لازدياد الحالات ومعدلات الظاهرة سنة تلو الأخرى.


كما يفيد التقرير الأممي أنه من بين العوامل الأساسية لارتفاع ظاهرة العنف ضد النساء نذكر أيضا انتشار الأنماط الثقافية داخل المجتمع الأمريكي اللاتيني؛ والتي تعطي الأولوية والسلطة للرجال على حساب النساء والتي من شأنها تطبيع العنف ضد المرأة في المجتمع ككل. وهي أنماط ترتكز بالأساس على علاقات التفاوت وعدم المساواة بين الجنسين، وعادة ما نجدها مترسخة في تقاليد وأعراف دينية أو عقائدية.



طالب جامعي باحث في العلاقات بين المغرب وأمريكا اللاتينية
جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء

قراءة 940 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)