الأرجنتين قد تقود الاقتصاد العالمي نحو الهاوية

الجمعة, 18 أيار 2018 13:57

17/05/2018
العالم قد لا يكون مستعداً لأزمة مالية عالمية جديدة، لكن الأزمة قد تكون مستعدة لمواجهة العالم، هكذا ذكر "روبرت ساميلسون" في تحليل نشرته صحيفة "واشنطن بوست".

وفي التاريخ الحديث للأزمات المالية فإنها دائماً ما تنشأ في أركان غامضة للنظام المالي، يتم تجاهلها في البداية لأنها تبدو غير ضارة ثم فجأة تنفجر الأزمة.

والأمثلة التاريخية للبرهنة على ذلك كثيرة، أبرزها أزمة تايلاند في عام 1997، حيث أدى الرهان ضد العملة المحلية "باهت" في النهاية إلى الأزمة في كوريا الجنوبية واندونيسيا والبرازيل وروسيا.

كما أن أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة خلال 2008 أدت إلى انهيار ائتمان الأسواق العالمية، وفي اليونان عندما حدثت مشكلة الديون في 2010 فإنها هددت تواجد منطقة اليورو بأكملها.

ماذا يحدث في الأرجنتين؟

أما أزمة الوقت الراهن فتوجد في الأرجنتين والتي تعاني من تراجع مفاجئ في الثقة، ومنذ منتصف أبريل فإن عملتها المحلية البيزو فقدت نحو 12% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي.

وفي مواجهة انهيار العملة ولإقناع المستثمرين بعدم بيعها لصالح الدولار رفع المركزي سعر الفائدة حتى وصلت إلى مستوى 40% من 27.25% سابقاً.

وتحركت الأرجنتين للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 30 مليار دولار كحزمة إنقاذ، والهدف الواضح من تلك الخطوات هو الحصول على الثقة عبر البرهنة على أن الدولة لديها احتياطاتها الوافرة من الدولار لمواجهة الديون المستحقة.

والسؤال الأهم هو ما إذا كانت هذه الأزمة مقتصرة على الأرجنتين فحسب أم نذير لأزمة مالية عالمية أوسع.

تقول "مونيكا دي بالي" المحللة بمعهد الاقتصاد الدولي إن تلك المشكلة في أغلبها تقتصر على الأرجنتين في الوقت الحالي.

فعندما تولى "ماوريسيو ماكري" السلطة في الأرجنتين في عام 2015 تسلمها مُثقلة بسوء إدارة اقتصادية تنوعت بين ارتفاع معدل التضخم والبطالة والعجز المالي.

وتشير المحللة إلى أن "كريستينا فيرنانديز دي كريشنر" رئيسة الأرجنتين السابقة دمرت الاقتصاد وذلك من خلال الدعم والتحكم في الأسعار وطباعة الأموال.

ولم تتمكن الأرجنتين من اقتراض العملة الصعبة من الأسواق الدولية نظراً لتعسرها عن سداد الديون في عام 2001، كما دخلت في صراع مرير مع دائنيها.

وأصبح من الصعب معرفة ظروف الاقتصاد بشكل محدد لأن الحكومة توقفت عن الإعلان عن العديد من البيانات الاقتصادية، كما وصل معدل التضخم إلى مستوى 40%.

تحسن لم يستمر طويلاً

وفي وجود الرئيس الجديد للأرجنتين استطاع أن يحول الكثير من تلك السياسات، حيث توصل إلى تسوية مع الكثير من الدائنين، وخفض عجز الموازنة ومعدل التضخم.

وتقول "مونيكا دي بالي": "أصبح هناك إحساس بالتفاؤل وأن الأشياء تتجه نحو مسارها الصحيح، لكن هذا المسار أصبح متدرج وعن عمد ليترك الاقتصاد عرصة للتطورات السلبية".

والدليل على ذلك أن عجز الموازنة والحساب الجاري لايزالا يُمثلان نحو 5% من الناتج الإجمالي المحلي، كما أن التضخم يسجل نحو 25%

كما تدخلت عوامل سلبية جديدة في الصورة مؤخراً، حيث ترتفع الفائدة في الولايات المتحدة الأمر الذي خفض من جاذبية الديون الأرجنتينية، كما أن تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية ألقت بظلال قاتمة على صادرت الأرجنتين.

كما أن ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي تسببت في ارتفاع تكلفة الديون، الأمر الذي أدى في النهاية إلى صعوبة نمو اقتصاد الأرجنتين، مما دفع المستثمرين القلقون للتخلص من البيزو.

هل تتسع الأزمة؟

والمخاوف الآن هو أن ما حدث للأرجنتين قد يحدث لدول أخرى، فعلى مدار العامين الماضيين ضخ المستثمرين الأجانب الأموال في دول الأسواق الناشئة مثل الأرجنتين والبرازيل والمكسيكي والهند وإندونسيا.

ووفقا لحسابات معهد التمويل الدولي بلغ إجمالي التدفقات لـ25 دولة بما فيهم البلاد السالف ذكرها 1.2 تريليون دولار في 2017.

وفي حالة توقف تلك التدفقات أو تباطؤها بشكل كبير فإن ذلك سيتسبب في تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي بشكل أوسع، وقد تلجأ الدول إلى زيادة معدل الفائدة لحماية عملاتها.

وفي مرحلة ما قد يتغلب سوق القطيع على المستثمرون الذين قد يشترون أو يبيعون الأدوات المالية مثل الأسهم والسندات والعملات لاعتقادهم أن الآخرين سيشترون أو يبيعون الأدوات نفسها.

أما الأمر الذي يبدو مقلقا بشكل خاص وفقاً للاقتصادي "ديزموند لاكمان" من معهد "أميركان إنتربرايز" هو التغير المفاجئ في معنويات السوق، حيث أن المستثمرين الذين كانوا مؤخراً من المتحمسين للأسواق الناشئة أصبحوا يتجنبون المخاطر.

وقد نكون أو لا نكون على شفا أزمة مالية أخرى، ولكن بغض النظر عما تعتقد، هناك مجال واسع للشك في النفس بطريقة أو بأخرى.
https://www.mubasher.info

قراءة 723 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)