حرب شرسة في انتخابات أمريكا اللاتينية.. وباحثون: أزمة ثقة وقضايا فساد

الإثنين, 19 آذار/مارس 2018 11:13

16/03/2018
تشهد مجموعة من دول أمريكا اللاتينية، تغييرات كبيرة خلال عام 2018، حيث ستجري العديد من الانتخابات الرئاسية، فالمكسيك على موعد مع انتخابات رئاسية في يوليو المقبل، والتي يولي العالم اهتماما كبيرا بها خاصة مع التحديات التي تواجهها الدولة منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكم، فضلًا عن التحديات الكبرى كأزمة بناء الجدار المكسيكي وطرد المهاجرين.

وتشير بعض التقارير الصحفية التي نشرتها صحيفة "بروثيسو" المكسيكية، أن الأزمة القائمة بين المكسيك ودونالد ترامب ستصب في صالح اليسار المكسيكي الذي يمثله مانويل لوبيز، والذي يعتبر في صدارة المنافسين للانتخابات، وترى الصحيفة أن ذلك ليس خطرًا فقط بل أنه خطأ أيضًا.

أما مارجريتا زفالا، وهي المرشحة الثانية في الانتخابات المكسيكية، فهي منذ اللحظة الأولى لترامب وهي أعلنت عدائها له حتى أنها وصفته بـ "خطاب كراهية، وأنها لن تسامحه على احترامه لدولتها، وأعلنت أنها ستعمل على تحسين الاقتصاد وتعزيز سيادة القانون في بلادها، ولذلك هناك حرب شرسة في المكسيك بين زفالا و لوبيز داخليا وكذلك خارجيًا.

البرازيل، أيضا، ستجري بها الانتخابات الرئاسية والتي ستقام في أكتوبر من نفس العام، إلا أن الانتخابات الرئاسية تلك المرة تختلف عن سابقتها خاصة بعد فضائح الفساد التي طالت رؤساء الدولة السابقين فضلًا عن التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، فبحسب استطلاع للرأي نشرته صحيفة "فوليا دي ساو باولو" البرازيلية، أكدت أن الرئيس البرازيلي السابق اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيلفا يحافظ على تقدمه الكبير في الانتخابات المقبلة على الرغم من إدانته بالفساد، وغسل الأموال.

"لولا" تم إدانته حسب التقرير من قبل محكمة بورتو جنوب البرازيل، لتلقيه هدية عبارة عن بيت على البحر من أحد شركات البناء وـصدرت محكمة استئناف حكما بحبسه 12 عامًا على أن يبقى طليقًا في انتظار البت بالطعن المقدم من قبل دفاعه، حتى يتسنى له الترشح للانتخابات ورغم الحكم لازال يتصدر "لولا" قائمة المرشحين الأوفر للرئاسة القادمة، كما خرج الاستطلاع بتوقعات من أهمها أن يحقق "لولا"، إذا سمح له بالترشح، فوزاً كبيراً في الجولة الثانية بحصوله على 49 في المئة من الأصوات مقابل 32 في المئة لمنافسة "بولسونارو".

فنزويلا، هي الأخرى على موعد من الرئيس الجديد في ديسمبر فالبلاد حائرة منذ رحيل تشافيز فهي تعاني من أزمة اقتصادية وسياسية خطيرة خلال الآونة الاخيرة، والتي جعلت البعض يتنبأ بترشح الرئيس نيكولاس مادورو، رغم وجود معارضة شديدة له وخروج تظاهرات ضده، بالإضافة للانتخابات الرئاسية التي ستجري في كل من الدول اللاتينية كولومبيا وكوستاريكا وباراجواي أيضًا انتخابات لرؤساء جدد، ما يجعل 2018 عام مختلف على كافة الدول اللاتينية.

من جانبه، قال الدكتور محسن منجيد، باحث جامعي متخصص في شؤون أمريكا اللاتينية من المغرب، إن كانت الدورة الانتخابية التي عرفتها أمريكا اللاتينية ما بين 2005 و2006 أدت إلى فوز التيار اليساري، فإن الانتخابات الحالية التي تمر منها المنطقة حاليا تنذر بحصول تغيير قد يكون عميقا على المستوى السياسي.

وأكد منجيد، لـ"الوطن"، أن عام 2018 يمثل أهمية كبري لدول تلك المنطقة، حيث ستشهد إجراء انتخابات رئاسية في غاية الأهمية، إذ أنها ترتبط بتحديد مستقبل حوالي نصف سكان أمريكا اللاتينية، وترتبط كذلك بأهم القوى الاقتصادية في تلك المنطقة وهي البرازيل والمكسيك وكولومبيا وفنزويلا، وهي القوى الاقتصادية الأولى والثانية والرابعة والسادسة على التوالي، كما ستجرى انتخابات رئاسية كذلك في كل من كوستاريكا والباراجواي.

وأضاف الباحث الجامعي المتخصص في شؤون أمريكا اللاتينية، أن هذه الاستحقاقات الانتخابية تحدث في ظل وضع داخلي غير مستقر في أمريكا اللاتينية، فالرأي العام مستاء من النخب السياسية الحاكمة ومن فضائح الفساد المتتالية، والنمو الاقتصادي ضعيف لا يساعد على توفير فرص أكبر للشغل وتفادي توسع طبقة الفقراء، وحتى أمنيا الوضع يزداد قلقا.

أما الوضع السياسي بدول المجموعة اللاتينية، فيري منجيد، أن أمريكا اللاتينية تعيش كذلك على وقع تراجع نسبة الثقة في المؤسسات السياسية، وذلك بسبب عدم قدرة الحكومات والأحزاب السياسية على الوفاء بالتزاماتها، ويبقى العامل الاقتصادي والأزمات المالية هو المحرك الحقيقي لنسبة الثقة، وهي الأخرى تتراجع كلما تأثر مستوى المعيشة لدى المواطنين.

وأشار الباحث الجامعي المتخصص في شؤون أمريكا اللاتينية، إلى أن اليسار لا يقدم حاليا النموذج المثالي رغم فوز مرشحيه في انتخابات نيكاراجوا والإكوادور الأخيرة واستمراره في فنزويلا، وإن كان احتمال عودة "لولا داسيلفا" إلى البرازيل واردا، لكن الظروف الداخلية للبلاد لا تساعد على انتشار اليسار بشكل أكبر في المنطقة.

ويرى منجيد، أن اليمين المنفتح على اقتصاد السوق يواجه ضغطا في الشارع من طرف الطبقات الفقيرة وضغطا خارجيا من خلال سياسة الحمائية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب. أما عن دور الأحزاب، فأكد "منجيد" أن شعبيتها تتزايد، حيث تحمل توجهات وطنية وتقدمية كالمكسيك مثلا يستعمل المرشح أندريس مانويل لوبيز أوبرادور خطابا معاديا لمواقف الرئيس ترامب ضد مصالح بلاده المكسيك، وفي البرازيل مرشح اليمين المتطرف النائب الفيدرالي جايرو بولسونارو يقدم خطابا لتغيير الوضع في البلاد، مؤكدًا أن الانتخابات في كولومبيا ستحمل مفاجآت سياسية غير متوقعة.

وقال الباحث الجامعي، إن شعوب أمريكا اللاتينية اليوم تحن إلى الزعامات التاريخية وسنوات الرخاء الاقتصادي، وهي تبحث عن الشخصية التي يمكنها أن تقدم بديلا منخارج الطبقة السياسية، وهو ما يسمح بالقول أن ترشيحات المستقلين عن التيارات السياسية قد تأخذ بعدا جديدا في المنطقة.

بدورها، قالت الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية، إن المكسيك تعاني من تحديات اقتصادية كبيرة وسوف يكون لها تأثير بشكل واضح على الانتخابات الرئاسية المقبلة، وخاصة في ظل الإجراءات الاقتصادية التي يتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد المكسيك والمتمثلة في رفع الضرائب على المنتجات التي تنتج في المكسيك وتصدر للولايات المتحدة الأمريكية ،مما يؤدي إلى ضرر للاقتصاد المكسيكي.

وأوضحت بكر لـ"الوطن"، أن الرئيس المقبل ستكون عليه مهمة كبيرة تتمثل في العمل على تحسين الاقتصاد وتعزيز سيادة القانون فى المكسيك ومحاولة وضع حلول مع الإدارة الأمريكية لضمان عدم تدخلها في إدارة البلاد وخاصة أنها متحكمة في اقتصاد أمريكا اللاتينية، مؤكدة أنه في حال محاولة الرئيس المقبل التحاور مع "ترامب" سوف يواجه صعوبة نظرًا لإرادة الرئيس الأمريكي في التحكم بشكل عام.

وعن الانتخابات التي تشهدها البرازيل، أكدت أستاذ العلوم السياسية، أن البرازيل عانت خلال الفترة الماضية من مشاكل الفساد الكثيرة التي تسبب في حدوث فجوة بين الشعب البرازيلي والمسئولين، إضافة إلى وقف عمليات النمو التي كانت تسعى إليها الحكومة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجها.

ولفت بكر، إلى أن الرئيس المقبل سيكون عليه مسئولية كبيرة متثملة في استرجاع القوة الاقتصادية للبرازيل مرة أخرى من خلال التركيز على بؤر الفساد والقضاء عليها والاهتمام بالمشروعات الاقتصادية والتنموية، موضحة أن الانتخابات الرئاسية المقبلة لا تؤثر بشكل كبير على أمريكا اللاتينية نظرًا لاستقلالها إلى حد ما وعدم مد أي دولة من الدول المجاورة معونات اقتصادية.

وأضافت أستاذ العلوم السياسية، أن الانتخابات الرئاسية في فنزويلا لا تختلف كثيرًا عن الانتخابات في المكسيك حيث إنه يتطلب من الرئيس المقبل الاهتمام بالوضع الاقتصادي لاستقراره والعمل على تنميته من خلال إنشاء مشروعات اقتصادية كثيرة.

وتوقعت أستاذ العلوم السياسية، دخول الرشاوى وعالم المال في الانتخابات الرئاسية التي تشهدها أمريكا اللاتينية للتأثير على الناخب ومحاولة جذب الأصوات من الفئات المختلفة وخاصة الفقيرة، مشيرة إلى أن الانتخابات التي تشهدها دول كولومبيا وكوستاريكا وباراجواي لم تؤثر بشكل كبير على الساحة السياسية في أمريكا اللاتينية، وتسعى هذه الدول إلى تحسين الاقتصاد وتعزيز سيادة القانون في بلادها.
https://www.elwatannews.com/news/details/3171251

قراءة 809 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)