كولومبيا تصنع السلام قبل انهاء الحرب

الخميس, 30 حزيران/يونيو 2016 09:58


من اجل انهاء صراعها الطويل، لجأت الحكومة في كولومبيا وقادة المتمردين في البلاد اولا الى ابرام اتفاقات حول ما يمكن ان يبدو عليه السلام. اذ انهم لم يتفقوا على وقف اطلاق النار الا في هذه الاونة. ويعد هذا نهجا جديدا لانهاء حروب اخرى. اليست الحروب تنتهي حين يتوقف القتال؟ وذاك يدعى السلام؟ ولكن ليست تلك هي الحال مع كولومبيا التي استمر الصراع فيها مدة اثنين وخمسين عاما بين الحكومة وجماعة تمرد ماركسية تدعى القوات المسلحة الثورية لكولومبيا. خلال السنوات الاربع الماضية، حتى في ظل اشتباكهما في الحرب، صنع الطرفان سلاما من خلال سلسلة من الاتفاقيات المتفاوض عليها حيال قضايا معينة، مثل الاصلاح في منطقة الريف. ولكنهما لم يتوصلا اخيرا الى اتفاق حول بنود وقف اطلاق نار عسكري الا قبل فترة وجيزة. هناك درس يستفاد من هذا النهج الذي يقضي بصنع السلام اولا من اجل انهاء صراعات اخرى في العالم. اذ لا بد ان يرى السلام كحقيقة ملموسة لا ان يعني فقط غياب الحرب. بالنسبة الى كولومبيا، تلك الحقيقة قد صممت من خلال اجراء محادثات صعبة في سبيل شمول معاهدات مؤقتة حول اخبار الحقيقة بشان انتهاكات سابقة وتدابير تنصف الضحايا وعيش مشترك نهائي بين الخصوم القدماء واصلاحات افتصادية واجتماعية واسعة.

 

ربما يبدو هذا الامر غريبا، ولكن المفاوضين يصفون النهج بهذه الطريقة: «خض الحرب كانما لا توجد عملية سلام واعقد السلام كما لو لم تكن هناك حرب تذكر», بعبارات اخرى، يجب حماية عملية السلام من شرارات الحرب التي يمكن ان تحرفها عن مسارها. ان ما كان مهما لهذا الصنع المشترك لافاق السلام ان كلا الجانبين على طاولة المفاوضات قد بدأ حقا في الاتصال بالاخر وبناء جسور الثقة عندما ادرك وجود تجربة مشتركة بينهما: ان الكثير من عائلاتهما واصدقائهما وزملائهما كانوا ضحايا ابرياء لهذه الحرب الطويلة. في الواقع، تواجد عدد كبير من الضحايا خلال المحادثات التي انعقدت في كوبا. اذ قد نظم نحو 7.9 مليون ضحية انفسهم خلال الانتخابات من اجل صنع جماعة تمثيلية من كلا الطرفين. ولم يكن بالامكان تجاهل حضورهم، الى جانب صعوبة تجاهل مطالبهم المتعلقة بالحرية والمساءلة والاصلاحات.

لقد اسهمت مناشدات الضحايا في خلق جو من التواضع بل وجو من الاعتذار. قبل فترة وجيزة، قدم قائد للمتمردين اعتذاره لاهالي قرية وقعت فيها مذبحة جماعية بعد ان اصابت طلقات اسلحة المتمردين كنيسة مليئة بالناس. ان اتفاقية وقف اطلاق النار التي ابرمت مؤخرا والتي تتضمن بنودا تنص على تسريح متمردين يبلغ تعدادهم ما بين ثمانية الى عشرة الاف شخص يشير الى ان المفاوضات على معاهدة سلام كاملة ونهائية يمكن ان تختتم في الاسابيع الاتية. ومن ثم ستوضع مجموعة الاتفاقات بكاملها قيد الاستفتاء الشعبي. وفور الموافقة عليها يبدأ تنفيذها. ووفقا لاحكام المحادثات، لا يمكن الاتفاق بخصوص اي شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء. يتوجب على كلا الطرفين ان يعلم اولا ما سيبدو عليه السلام بالنسبة له. ومن ثم يغدو بالامكان وضع حد للحرب. اذا استطاع هذا المنهاج تحقيق النجاح فستكون كولومبيا قد صنعت انموذجا يحتذى به ويستحق التجربة في سبيل انهاء الحروب الاخرى.
افتتاحية- «كرستيان سينس مونيتور»
المصدر
https://www.addustour.com/17993/%D9%83%D9%88%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A8%D9%8A%D8%A7+%D8%AA%D8%B5%D9%86%D8%B9+%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85+%D9%82%D8%A8%D9%84+%D8%A7%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%A1+%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8.html

قراءة 803 مرات
قيم الموضوع
(0 أصوات)